الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم زكاة الحلي المعد للزينة؛ فذهب الجمهور إلى عدم وجوب الزكاة فيه، وهو مروى عن عائشة وأسماء وجابر- رضي الله عنهم –، وقال الإمام أحمد: إنه عن خمسةٍ من الصحابة لا يرون في الحلي زكاة، وبه قال مالكٌ والشافعي وأحمد واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار وبالقياس على الثياب وغيرها من الملبوس وما يعد للقُنية،
وذهب أبو حنيفة وأهل الظاهر وجمعٌ من محققي المعاصرين إلي وجوب الزكاة في الحلي، وهو مروى كذلك عن جماعةٍ من الصحابة كعمرَ وابنه، وروي كذلك عن ابن مسعود قال ابن حزم" بأصح إسناد"، واستدل الموجبون بالعمومات الواردة في الكتاب والسنة الدالةِ على وجوبِ الزكاة في الذهب والفضة، ومنها قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {التوبة 34} وبما روى مسلمٌ في صحيحه: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم. فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره. كلما بردت أعيدت له. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتى يقضى بين العباد. فيرى سبيله. إما إلى الجنة وإما إلى النار.، واستدلوا كذلك بأحاديثَ خاصة تفيد وجوب الزكاة في الحلي، فعند أبي داود وغيره: أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت هما لله عز وجل ولرسوله" حسنه النووي وصححه الألباني، وهذا القول قويٌ في الدليل وأحوط في الدين، والمفتى به عندنا في هذه المسألة هو مذهب الجمهور، لكن الخروج من الخلاف أمرٌ حسن، وعليه فالذي ينبغي لكِ أن تخرجي زكاة ما بيدكِ من حلي، وإن كنتِ تتخذينه للزينة وذلك ربع العشر في كل حول.
وبما أنك في عدم إخراجكِ لزكاة الحلي وافقت قولا رجحه جمهور أهل العلم وأدلته قوية فلستِ داخلةً في الوعيد المذكور في الآية، لكن الأحوط لكِ كما قلنا...
والله أعلم.