الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء لا يلزمك شرعاً أن تتزوج بتلك الفتاة لأجل ما ارتكبت معها من أخطاء، ولا يلزمك شرعاً أن تخبر زوجتك -إن تزوجت- بما حدث منك مع تلك الفتاة، بل ينبغي لك أن تستر نفسك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله وليتب إلى الله.. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
وقد نص الفقهاء استناداً على هذا الحديث أنه يسن لكل من ارتكب معصية أن يستر على نفسه، كما قال الخطيب الشربيني الشافعي في الإقناع: ... ويسن للزاني وكل من ارتكب معصية الستر على نفسه لخبر من أتى من القاذورات شيئاً... إلخ. انتهى مختصراً.
وكما أن الله تعالى يكره المعاصي وظهورها فهو سبحانه يحب سترها، وقد جاء في الحديث الصحيح: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر.. رواه أبو داود.
وأما ماذا تفعل وما كفارة عملك؟ فالواجب عليك أخي السائل أن تتوب إلى الله تعالى فإنك وإن لم تقع في زنا الفرج فإنك وقعت في زنا البصر واللمس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على بن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق.. رواه البخاري، وعند النسائي: ... وزنا اليدين البطش... انتهى.
فالواجب عليك التوبة إلى الله بأن تندم على تلك المعصية وتعزم أن لا تعود إليها أبداً سواء مع تلك الفتاة أو مع غيرها، فإذا فعلت ذلك صحت توبتك وقبلت إن شاء الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
فتب إلى الله تعالى واحمد ربك أنك لم تقع فيما هو أكبر من ذلك، وعامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به، وكما أنك لا ترضى أن يخلو رجل بأختك أو غيرها من محارمك ويفعل معها ما فعلته بتلك الفتاة فلا تفعل ذلك مع بنات الناس، واتق الله تعالى وأكثر من الاستغفار، ولا يلزمك أكثر من ذلك، والنساء غير تلك الفتاة كثير فابحث عن صاحبة الدين والخلق التي ترفض أن تخرج مع رجل أجنبي أو تخلو به فهي أحفظ لعرض الزوج، وانظر لذلك الفتوى رقم: 9431.
والله أعلم.