الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المعاملة تندرج في باب الإجارة، ومن شروط صحتها معلومية الأجرة. قال ابن قدامة: يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِ الْإِجَارَةِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا. لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ, فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا, كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ. انتهى
وكون السائل لم يقل للحلاق شيئا وتركه ينفذ ما يقول، فهذا يعتبر رضا بعرضه، وعليه فلا فرق بين كون الحلاق هو الذي طلب بذل هذه المنفعة، وبين كونك أنت الذي طلبت منه ذلك. وإلحاحه في الطلب لا يغير الحكم، فكان في إمكانك الامتناع عن عرضه مهما ألح.
وإذا كان الحال كذلك، وقد استوفيت أنت المنفعة، فإنه يجب عليك أجرة المثل. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: إذَا اختلفا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَتَحَالَفَا: فَسَدَ الْعَقْدُ , وَرُجِعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْل.
وجاء في الموسوعة الفقهية: يَجِبُ الْعِلْمُ بِالأَْجْرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ ... وَلَوْ كَانَ فِي الأَْجْرِ جَهَالَةٌ مُفْضِيَةٌ لِلنِّزَاعِ فَسَدَ الْعَقْدُ ، فَإِنِ اسْتُوْفِيَتِ الْمَنْفَعَةُ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْل ، وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ أَهْل الْخِبْرَةِ
وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان أجرة المثل: 3297 ، 52619 ، 43972.
والله أعلم.