الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على السائل في الذهاب إلى الحرم من المسافة المذكورة -إذا لم يترتب عليه ضرر- ولا يعد هذا تشدداً ولا غلواً، ونرجو أن يكتب الله له الأجر والمثوبة الواردين في الحديث المشار إليه، وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقد دلت السنة على مشروعية القدوم للمسجد من المسافة البعيدة احتساباً للأجر، فقد روى مسلم عن أبي بن كعب قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له أو قلت له: لو ا شتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله..
ولما أراد بنو سلمة الانتقال من محلتهم إلى قرب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم عليه الصلاة والسلام: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم... رواه مسلم.
أي إلزموا دياركم يكتب الله لكم أجر خطواتكم، قال ابن رجب في شرح البخاري: .. وبنو سلمة: قوم من الأنصار، كانت دورهم بعيدة عن المسجد... ومثله في مرقاة المفاتيح: ... كان بينهم وبين المسجد مسافة بعيدة.. وقد ذكر الحافظ أن المسافة كانت قدر ميل، وهي دون مسافة السائل؛ لكن الحديث يدل على احتساب الأجر عند القدوم من المسافة البعيدة.
والله أعلم.