الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فالقبلة لمن لا تجوز قبلته من اللمم المحرم وصغائر الذنوب، ويكفرها اجتناب الكبائر والصلوات المفروضة وأنواع القربات والطاعات، قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره للمم: هي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله وحفظه، وقد اختلف في معناها، فقال أبو هريرة وابن عباس والشعبي: اللمم كل ما دون الزنا.. وقال ابن مسعود وأبو سعيد الخدري وحذيفة ومسروق أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة. انتهى.
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
وأخرج أحمد وغيره في المسند: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إلي وباشرتها وقبلتها وفعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قال: فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. قال: فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه، فقال عمر: يا رسول الله؛ أله خاصة أم للناس كافة؟ فقال: بل للناس كافة. وأخرج مسلم نحوه.
وننبهك إلى أن وقوع المعصية من المحصن أقبح من غيره إذ رزقه الله تعالى ما يتعفف به عن الحرام فهو يتبدل الخبيث بالطيب، ولذا كان حد الزاني المحصن الرجم حتى الموت وغير المحصن الجلد والتغريب، كما أن الإصرار على الصغائر أو التهاون بها واستحسانها قد يصيرها كبائر.
والله أعلم.