الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من حلف على أمر مباح فهو مخير بين البقاء على يمينه وعدم التكفير، وفعل ما حلف عنه مع التكفير، وإن كان الأفضل عند الجمهور البقاء على اليمين، وإذا كان فعل المحلوف عليه أفضل من تركه استحب الحنث، فإن حنث نفسه وجبت عليه الكفارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني. رواه البخاري.
وفي مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى: إذا حلف الإنسان قال: والله ما أزور فلاناً، والله ما أدخل بيت فلان، والله ما أكلم فلاناً، والله ما آكل طعام فلان، وأشباه ذلك، ثم رأى من المصلحة أنه يترك يمينه فلا بأس، وعليه كفارة يمين.
وفي الموسوعة الفقهية: وإن حلف على مباح كدخول دار، ولبس ثوب أو تركهما فله أن يقيم على اليمين وله أن يحنث، والأفضل عند الجمهور -وفي الصحيح عند الشافعية- الإقامة على اليمين، لقوله تعالى: وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا. وفي الجملة إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها استحب له الحنث والتكفير.
وبناء على هذا فلا حرج عليك في تركك مفاوضة البنك الذي تعملين فيه محافظة على يمينك، ولا يعد ذلك منك مغالاة ولا تشدداً، وإن رأيت أن التفاوض مع البنك خير من تركه ففاوضيه وكفري عن يمينك عملاً بمقتضى الحديث السابق، ولا يدخل أخذك بما هو خير لك في الآية التي ذكرت لثبوته في القرآن والسنة الصحيحة، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:224}، وأما السنة الصحيحة فالحديث المذكور أعلاه.
والله أعلم.