الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد في سبب نزول قول الله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا {النساء:69}، أن رجلاً من الصحابة قال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت الآية. أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي وحسنه عن عائشة (تفسير ابن كثير).
قال أبو حيان في تفسير البحر المحيط: والمعنى في مع النبيين: إنه معهم في دار واحدة، وكل من فيها رزق الرضا بحاله، وهم بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر، وإن بعد مكانه.. وقيل: المعية هنا كونهم يرفعون إلى منازل الأنبياء متى شاؤوا تكرمة لهم، ثم يعودون إلى منازلهم. وقيل: إن الأنبياء والصديقين والشهداء ينحدرون إلى من أسفل منهم ليتذاكروا نعمة الله، ذكره المهدوي في تفسيره الكبير.
والحاصل أن من أطاع الله ورسوله واتقى الله ما استطاع فسوف يكون بفضل الله ومنه وكرمه مجاوراً ورفيقاً للذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين ومتمكنا من رؤيته صلى الله عليه وسلم، ولن يحرم من هذا الفضل الذي هو وعد الله، ولا يخلف الله وعده، ولا يحول بينه وبين ذلك اختلاف منزلة النبي ودرجته عن غيره فمقاييس الآخرة غير ما نتصوره نحن في الدنيا، وفي صحيح سنن الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة ليتراءون في الغرفة كما تتراءون الكوكب الشرقي أو الكوكب الغربي الغارب في الأفق والطالع في تفاضل الدرجات. انتهى...
ولمعرفة ما يوصل إلى معيته صلى الله عليه وسلم وصحبته والتمتع برؤيته في الجنة راجع الفتوى رقم: 4539.
والله أعلم.