الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت بتوبتك وندمك على ما صنعت، واعلم أن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويفرح بتوبة عبده فرحاً شديداً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده... متفق عليه.. وهذا لفظ البخاري..
ثم اعلم أن التوبة النصوح من جميع الذنوب تكون بترك الذنوب والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها مع الاستغفار والدعاء بالمغفرة، وإذا كان الذنب له تعلق بحقوق الآدميين وجب رد الحق إلى أصحابه إن أمكن، أو ورثتهم إن كانوا هم قد ماتوا ولو بطريقة غير مباشرة بأن يرده بواسطة، كأن يرسله بحوالة بريدية أو مع شخص آخر، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}.
والواجب رد المال جميعه إن علم مقداره، وإن لم يعلم فعليه أن يتحرى فما غلب على ظنه أنه المأخوذ رده، وإذا كانت الأشياء التي سرقها مثلية فيجب عليك أن تؤدي لأصحابها مثلها، وإن كانت قيميه لا مثل لها، فيجب عليك أن ترد لهم قيمتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6420 .
فإن لم يتمكن من أن يرجعها إليهم لفقره فعليه أن يتحلل منهم، فإن أحلوه منها فهو كمن أرجعها وإن لم يحلوه فله أن يأخذ من الزكاة ما يقضي به ديونه لكونه في حكم الغارم، فإن كان المانع غير الفقر كأن يكون عدم إمكان الوصول إليهم أو عدم العلم بهم تحديداً أو غير ذلك فعليه أن يتصدق بما في يده من أموالهم عنهم، مع صدق التوبة والإكثار من فعل الحسنات... فإذا حضروا وطالبوا بها بعد ذلك أو تمكن هو من الوصول إليهم خيرهم بين إمضاء الصدقة ونيل أجرها، أو أن يرد إليهم قيمتها أو مثلها، ويكون ثواب الصدقة له.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32031، 23562، 26143، 6420، 8315، 28748، 21859، 43407، 36270، 6420.
والله أعلم.