الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الائتلاف، واتحاد الكلمة والصف، خير من الخلاف، وأن الافتراق مذموم، في أغلب أحواله؛ دلت على ذلك الآيات المتكررة، والأحاديث الصحيحة المصرحة.
أما بخصوص هذه الجماعات، فقد تكلمنا على اختلافها في المناهج، في الفتوى: 10157، وذكرنا هنالك الضوابط التي إذا تقيدت بها، كان اختلافها - إن شاء الله تعالى - مثل اختلاف أئمة الفقه، فليرجع إلى ذلك الجواب، ففيه التفصيل الكامل.
وأما الحديث الذي أشار إليه السائل، فالظاهر - والله أعلم - أنه لم يتناول هذه الجماعات في الغالب الأعم؛ لأن ذلك الافتراق المذكور في الحديث، هو الافتراق في أصول الدين، والشذوذ عن أهل السنة والجماعة، مثل: شذوذ الجهمية، والقدرية، والمرجئة، ونحوهم، قال الإمام القرافي أثناء كلامه الطويل على الحديث المذكور: وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقًا؛ لخلافها للفرقة الناجية في معنى الدين، أو قاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات؛ إذ الجزء، والفرع الشاذ، لا ينشأ عنه مخالفة، يقع بسببها التفرق شيعًا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية. انتهى.
والله أعلم.