الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا تم ضبط صفات هذه الأجهزة ضبطاً دقيقاً تنتفي به الجهالة، كأن تحدد نوعية القطع ومدى سعتها وسرعتها، وكانت هذه القطع متوفرة بالأسواق تستطيع تحصيلها بسهولة، وتم كذلك تسليم ثمنها بالكامل في مجلس العقد، فلا بأس أن تبيعها قبل أن تتملكها سواء أباشرت البيع بنفسك أو عن طريق الشركة، لأن ذلك داخل فيما يسمى بـ "بيع السلم". وقد عرفه العلماء بأنه بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً.
وأما إذا لم يتم تحديد صفاتها تحديداً يرفع الجهالة والنزاع، أو لم يتم تسليم ثمنها في مجلس العقد -كما قد ذكرت في الطريقة الأولى والثانية- أو وقع البيع على أجهزة معينة محددة، فلا يصح البيع؛ لأنه حينئذ داخل فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تبع ما ليس عندك. رواه أبو داود والنسائي.
قال مصطفى بن سعد الرحيباني في مطالب أولي النهى: (ولا) يصح (بيعُ ما) أي: شيءٍ معينٍ لا يملكه البائع، ولا أُذِن له فيه... لحديث حكيم بن حزام مرفوعا: لا تبع ما ليس عندك. رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه (إلا موصوفا) بصفات سلم (لم يعين)، فيصح لقبول ذمته للتصرف (إذا قبض) المبيع، (أو) قبض (ثمنه بمجلس عقد)، فإن لم يقبض أحدهما فيه، لم يصح لأنه بيع دين بدين، وقد نهي عنه.
وقال الشيخ البسام في كتابه تيسير العلام: قد ظن بعض العلماء خروجه -أي بيع السلم الموصوف في الذمة- عن القياس، وعدوه من " باب بيع ما ليس عندك " المنهي عنه في حديث حكيم بن حزام، وليس منه في شيء. فإن حديث حكيم يحمل على بيع عين معينة ليست في ملكه، وإنما ليشتريها من صاحبها فيعطيها المشتري، فهذا غرر، وعقد على غير مقدور عليه. أو يحمل على السلم الذي يظن المسلم أنه لا يتمكن من تحصيله وقت حلول الأجل. فأما السلم الذي استوفى شروطه، فليس من الحديث في شيء، لأن متعلقه الذمم لا الأعيان.
وأما البيع بالطريقة الثالثة التي يتم فيها تملكك للجهاز أولاً قبل أن تبيعه، فهو جائز، ولا يضر تأخير تسديد ثمنه للشركة إلى ما بعد دفع المشتري.
والله أعلم.