خلاصة الفتوى:
فعلى الأخت أن تصبر وتحتسب الأجر، وأن تحذر من الجزع والتسخط وعدم الرضا بالقضاء، ولتبشر بأن أمها في خير بإذن الله، وننصحها بسماع شريط: كشف الكربة عند فقد الأحبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأمك ولجميع المسلمين، ونذكرك بفضل الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجراً عظيماً كما في قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 156 ـ 157 }
فعليك أن تصبري وتحتسبي الأجر عند الله فله ما أخذ وله ما بقي، وكل نفس ذائقة الموت، والمصائب بعد موت الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هينة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم باباً بينه وبين الناس أو كشف ستراً فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم، ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال: يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبتي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي. قال الشيخ الألباني: صحيح..
فإذا ما استشعرت أيتها الأخت الكريمة تلك المعاني ووقرت في قلبك وعقلك فسيخف عليك هول الصدمة، واعلمي أن الحياة دار ممر لا دار مقر، وأن اجترار الحزن والأسف لا يرد غائباً ولا يعيد فائتاً، فاتقي الله واحذري من الجزع والتسخط وعدم الرضا بالقضاء،
وما ذكرت من شأن أمك وصلاحها ومحبة الناس لها وشهادتهم لها بالخير كل ذلك يدل على حسن الخاتمة وأبشرى الخير لها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله قالوا: كيف يستعمله ؟ قال: يستعمله في عمل صالح قبل موته. رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت، فقال عمر رضي الله عنه: ما وجبت ؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض.
وإليك هذه الأحاديث ففيها تسلية لك ولكل مصاب:
في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
وفي البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ, وله ما أعطى, وكل شيء عنده بأجل مسمى, فلتصبر ولتحتسب.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها؛ إلا آجره الله تعالى في مصيبته, وأخلف له خيرا منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها, فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
وهناك أمور تعين على اكتساب الصبر راجعيها في الفتوى رقم: 73790.
وننصحك بسماع شريط الشيخ علي القرني بعنوان: كشف الكربة عند فقد الأحبة.
هذا، ونسأل الله تعالى أن يجازيك أحسن الجزاء على برك بأمك وخدمتك لها ولا شك أن ذلك جزء من حقها عليه فأبشري بخير وجزاء أوفى من الله تعالى.
والله أعلم.