خلاصة الفتوى:
ليس في الشريعة حد معين للربح في التجارة، مع دعوة الشريعة إلى الرفق، والسماحة، والرحمة بالناس.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فالربح في التجارة، ليس له حدٌّ معين في الإسلام، ومرده إلى تراضي البائع والمشتري؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29}، ولم يأت في الشريعة قرآنًا، ولا سنة شيء يقيّد الربح بنسبة معينة، بل ترك هذا الأمر لضمير التاجر المسلم، وسماحته، ومراعاته للعدل، والإحسان، ورحمته بالخلق، وهي مبادئ لا تنفك عن الاقتصاد، والتجارة في تصور المسلم.
وقد جاء في السنة ما يبين مشروعية الربح مائة في المائة، ففي الحديث الذي رواه البخاري، وغيره، عن عروة بن الجعد، قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب، فأعطاني دينارًا، وقال: أي عروة، ائت الجلب، فاشتر لنا شاة، فأتيت الجلب، فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين بدينار، فجئت أسوقهما، فلقيني رجل، فساومني، فبعته شاة بدينار، فجئت بالدينار، وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم... فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك له في صفقة يمينه.
وجاء في البخاري: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف. أي: باعها بأكثر من تسعة أضعافها.
وإذا تقرر أنه لا حد للربح في التجارة، فينبغي أن يعلم أن هناك ربحًا حرامًا، كالربح في بيع المحرمات، أو الربح عن طريق الغش، والتدليس.
وبناء على ما تقدم؛ فلا حرج على الأخ السائل وصديقه في بيع السلعة المذكورة بسعرها في السوق، وإن كان الأولى لهما رحمة الضعفاء، والرفق بهما، ولن يعدما طريقًا يؤدي إلى ذلك، دون الدخول في معاداة مع كبار التجار.
والله أعلم.