الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيكفيك الاستنجاء بالمنديل ونحوه عند خروج المذي أو الودي أو غيرهما من الإفرازات المهبلية، ولا يلزم استعمال الماء. ولمزيد من التفصيل ننقل لك كلام بعض أهل العلم، ففي الجوهرة النيرة لأبي بكر العبادي الحنفي قوله: يجزئ فيه الحجر وما قام مقامه يعني من التراب وغيره وهذا إذا كان الخارج معتادا، أما إذا كان الخارج قيحا أو دما لم يجز فيه إلا الماء، وإن كان مذيا أو وديا يجزئ فيه الحجر أيضا. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وهو مخير بين الاستنجاء بالماء أو الأحجار، في قول أكثر أهل العلم... إلى أن قال: ويجزئه الاستجمار في النادر، كما يجزئ في المعتاد. ولأصحاب الشافعي وجه، أنه لا يجزئ في النادر. قال ابن عبد البر: ويحتمل أن يكون قول مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر من المذي، والأمر يقتضي الوجوب. قال ابن عبد البر: واستدلوا بأن الآثار كلها على اختلاف ألفاظها وأسانيدها ليس فيها ذكر استنجاء، إنما هو الغسل ; ولأن النادر لا يتكرر، فلا يبقى اعتبار الماء فيه، فوجب، كغسل غير هذا المحل. ولنا أن الخبر عام في الجميع ; وأن الاستجمار في النادر إنما وجب ما صحبه من بلة المعتاد، ثم إن لم يشق فهو في محل المشقة، فتعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها، كما جاز الاستجمار على نهر جار انتهى
وقال النووي الشافعي في المجموع: إذا كان الخارج نادرا كالدم والقيح والودي والمذي وشبهها فهل يجزئه الحجر ؟ فيه طريقان: الصحيح منهما - وبه قطع العراقيون أنه على قولين، أصحهما يجزئه الحجر، نص عليه في المختصر وحرملة؛ لأن الحاجة تدعو إليه والاستنجاء رخصة، والرخص تأتي لمعنى، ثم لا يلزم وجود ذلك المعنى في جميع صورها كالقصر وأشباهه. والقول الثاني: يتعين الماء، قاله في الأم، ويحتج له مع ما ذكره المصنف بالحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بغسل الذكر من المذي " وسنذكره واضحا في باب الغسل إن شاء الله تعالى. والجواب الصحيح عن هذا الحديث: أنه محمول على الندب، والطريق الثاني: ذكره الخراسانيون أنه يجزئه الحجر قولا واحدا، وتأولوا قوله في الأم ما إذا كان الخارج لا من داخل الفرج؛ بل من قرح أو باسور وشبهه خارج الدبر، وهو تأويل بعيد.
والله أعلم.