خلاصة الفتوى:
المضاربة بالذهب لا تصح حتي يصير نقدا، ومن كان له حق عند آخر فجحده ولم يتمكن من استيفائه عن طريق المحاكم أو غيره جاز له أخذه منه ولو بغير إذنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان السائل أعطى الذهب إلى الشخص المذكور ليضارب به والربح بينهما فإن هذا لا يصح مضاربه إذ يشترط في رأس مال المضاربة أن يكون نقدا لا تبرأ أو حليا، وراجع الفتوى رقم: 105686.
وفي حال ضارب الشخص المذكور بالذهب فإن المضاربة فاسدة ويجب فسخها ويستحق العامل فيها أجرة مثله والربح كله إن حصل لصاحب الذهب.
وإذا كانت المضاربة بالذهب فاسدة فإن تصرف العامل على خلاف الشرط ومضاربته في غير ما اتفق عليه مع صاحب الذهب يزيدها فسادا ويجعله متعديا على مال صاحب المال ويترتب على ذلك ضمانه للمال..
وبناء على ما تقدم فالذهب صار بالتعدي دينا عند العامل ويلزمه تسليمه لصاحبه، فإن جحده أو منعه جاز للسائل أن يطالب بحقه بالطرق الشرعية كأن يقاضيه إلى الحاكم أو إلى من ينصفه منه، فإن علم أن الحاكم أو غيره لا يستطيع رد حقه جاز له الوصول إليه بطريقة ما.
جاء في المغني: إذا كان لرجل على غيره حق ، وهو مقر به، باذل له، لم يكن له أن يأخذ من ماله إلا ما يعطيه، بلا خلاف بين أهل العلم.... وإن كان مانعا له لأمر يبيح المنع ، كالتأجيل والإعسار، لم يجز أخذ شيء من ماله بغير خلاف ، وإن أخذ شيئا، لزمه رده إن كان باقيا، أو عوضه إن كان تالفا، ولا يحصل التقاضي هاهنا ؛ لأن الدين الذي له لا يستحق أخذه في الحال ، بخلاف التي قبلها .
وإن كان مانعا له بغير حق، وقدر على استخلاصه بالحاكم أو السلطان ، لم يجز له الأخذ أيضا بغيره وإن لم يقدر على ذلك لكونه جاحدا له ولا بينة له به أو لكونه لا يجيبه إلى المحاكمة ولا يمكنه إجباره على ذلك أو نحو هذا، فالمشهور له أخذ قدر حقه ...
قال ابن عقيل: وقد جعل أصحابنا المحدثون وجها في المذهب .... وقال أبو الخطاب يترجح لنا جواز الأخذ فإن كان المقدور عليه من جنس حقه أخذ بقدره وإن كان من غير جنسه تحرى واجتهد في تقويمه..
وعليه فالمطلوب من السائل فسخ المعاملة المذكورة فورا، ومن حقه مطالبة الشخص المذكور برأس ماله وأرباحه إن وجدت، وللآخر عليه أجرة أمثاله في هذا العمل، فإن أبى المذكور رد الحق أو ماطل قاضاه إلى الحاكم، فإن خشي ضياع حقه لعدم وجود بينة بيده أو لنحو ذلك من الموانع فله أن يستوفي قيمة ذهبه من المبلغ الذي عنده ويرد ما زاد على ذلك إلى صاحبه.
والله أعلم.