لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة

9-4-2008 | إسلام ويب

السؤال:
تشارك رجلان في محل تجاري فدفع الأول (مغترب يعمل خارج البلد) مبلغ 7000 دينار، والثاني (المدير للمحل) مبلغ 5000 دينار، والربح مناصفة وتولى الثاني إدارة المحل بحكم خبرته في العمل التجاري (مقابل راتب شهري) وبحكم عمل الطرف الآخر خارج بلده، واتفق الطرفان على أن يتولى الطرف المدير للمحل تزويده بالبضائع بما يتضمن شراءها بالدّيْن عن طريق شيكات على اسم هذا الطرف المدير دون شريكه المغترب خارج بلده، وبعد مدة اضطر المدير أن يستدين مبلغ 5000 دينار من الطرف الأول لسداد بعض ديون المحل، ولما طالبه هذا الأخير بسداد هذا المبلغ قال له المدير: أضمها إلى رأس مالك فيصير مجموعه 12000 دينار، واستمرّ الحال على ذلك إلى أن حدث خلاف بينهما (بسبب توسع الطرف المدير في العمل والنفقات من غلة المحل وشراء البضائع بالدين وإقراض أخته مبلغا من المال من غلة المحل تسده له على دفعات، مما أدى إلى تكالب الدائنين من تجار الجملة عليه لاستيفاء ديونهم، ما أدى إلى انشغال المدير كليا بسداد الديون وعدم حصول الطرف الأول على أية أرباح تذكر طيلة ثلاث أو أربع سنين)، فعرض المدير على شريكه المغترب أن يدفع له مبلغ 20000 دينار ثمن حصته في المحل ويخرج من الشركة فوافق، واتفق الطرفان على ذلك وعلى أن يكون الدفع على شكل دفعات شهرية حتى ينتهي المبلغ، (أعطى الطرف المدير لشريكه منها مبلغ 2000 دينار دفعة مقدمة قبل أن يسافر)، ولمدة عام لم يوف المدير بالتزامه ولم يدفع للطرف الأول إلا تلك الدفعة المقدمة (وذلك نظراً للديون الكثيرة التي كان مطالبا بها من تجار الجملة والبضائع)، فاقترح المدير على شريكه السابق عندما قدم من السفر أن يرجعا شريكين على نظام شركة المضاربة، على أن يكون الشريك السابق بما له في ذمة المدير من مبلغ مالي هو صاحب رأس المال، والمدير شريك مضارب بجهده، فوافق واتفقا على ذلك وعلى أن يدفع المدير للطرف الثاني مبلغ (200) دينار شهريا مقابل ما يأخذه الطرف المدير من راتب شهري، علما بأن المحل التجاري كان عليه ديون كثيرة على شكل شيكات على اسم الطرف المدير، وبعد عامين ولمّا لم يوف الطرف المدير بما تعهد به للطرف الثاني، رفع الأخير قضية عليه وطالبه بمبلغ (30000) دينار مقابل ترك المحل للمدير، فما الحكم الشرعي في هذه القضية؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالشركة التي صارت بين الشريكين والمذكورة في صدر السؤال كانت شركة صحيحة؛ لأن من أنواع الشركات الجائزة أن يشترك شخصان بماليهما وعمل أحدهما، ولا بأس بتفاوت ماليهما وتساويهما في الربح بحسب ما اشترطاه، ويجب في هذه الشركة أن لا يتصرف الشريك العامل في مال الشركة تصرفات خارجة عن موضوعها كأن يقرض أو يحابي، فإن فعل فهو ضامن لتعديه، جاء في المغني: وليس له -الشريك- أن يقرض ولا يحابي لأنه تبرع، وليس له أن يتبرع. انتهى.

وليس للشريك أن يستدين على مال الشركة إلا بإذن صريح أو ضمني في قول، وفي قول أن له الاستدانة ويلزم الشريكين وربحه لهما.

وعلى كل حال فإذا اتفق الشريكان على فض الشركة بينهما ورضي أحدهما ببيع نصيبه فلا مانع، ويصح البيع بالثمن المتراضى عليه، وعلى الشريك المشتري تسليم الثمن إلى شريكه، فإن أعسر فحقه الإنظار إلى ميسرة.

أما أن يجعل هذا الثمن رأس مال مضاربة جديدة فلا يصح، ففي المغني: عن ابن المنذر قال: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة. انتهى.

وبناء على ما تقدم فليس للشريك الدائن هنا إلا قدر دينه والذي هو عشرون ألفاً، ولا يجوز مطالبة المدين بأكثر منه، كما ينبغي أن نشير إلى أنه في المضاربة الصحيحة لا يجوز أن يكون حصة كل من الشريكين من الربح مبلغاً مقطوعاً، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 104127.

والله أعلم.

www.islamweb.net