خلاصة الفتوى:
يقبل الله توبتك فيما يتعلق بحق الله، أما حق المخلوق فلا يغفر بالتوبة، وأكثر من الأعمال الصالحة ليكون عندك رصيد كثير يؤخذ منه له حقه، ويبقى لك خير كثير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنيئا لك بما عندك من مستوى الالتزام والقيام بالأعمال الصالحة، واستشعار خطورة الذنب الذي وقعت فيه والحرص على قبول التوبة منه.
واعلم أن الله تعالى يغفر ذنب من تاب إليه صادقا واشتغل بالأعمال الصالحة، كما قال تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{المائدة:39} وقال تعالى: وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54} وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان:68}
وفي حديث مسلم: من تاب من قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
هذا فيما يتعلق بحق الله تعالى. وأما حق المخلوق فإن كنت قهرته على هذا الفعل، فقد يتولى الله عنك حقوقه ويرضيه عنك يوم القيامة، وقد يأخذ من حسناتك. فالعلاج هو أن تكثر من الأعمال الصالحة والتزود للآخرة. لما في حديث البخاري: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته....
ويجب أن تستر نفسك، وتستر من فعلت به فلا تبح بذلك لأحد، واعلم أن فضل الله واسع، وقد غفر لمن قتل مائة نفس ظلما واستلمته ملائكة الرحمة مع أنه لم يقدم من العمل الصالح إلا أنه تاب إلى الله، فلا تقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء.
والله أعلم.