خلاصة الفتوى:
فكل من الأمرين حسن ولا شك، ولكن من لم يمكنه الجمع بينهما فالأولى تقديم ما كنت الحاجة إليه أمس، والفائدة منه أعم، وهو الإطعام الذي يجتمع إليه الناس، أو يراد لجمع الناس، ويتذاكرون عنده أمور دينهم ودنياهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إطعام الطعام وجمع الإخوان عليه من أجل الأعمال وأفضلها، ولا سيما إن كان من بينهم من هو صائم، ولو كان بعضهم أصحاب أموال لأن إطعام الطعام والصدقة التي ليست واجبة لا يختص بالفقراء، ولذلك ورد عن علي رضي الله عنه موقوفا: لأن أجمع إخواني على صاع من طعام أحب إلي من أن أعتق رقبة. وهو ضعيف كما ذكر الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب، لكنه في فضائل الأعمال.
وفي إحياء علوم الدين للغزالي: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: من كرم المرء طيب زاده في سفره وبذله لأصحابه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يقولون: الاجتماع على الطعام من مكارم الأخلاق، وكانوا رضي الله عنهم يجتمعون على قراءة القرآن ولا يتفرقون إلا عن ذواق، وقيل: اجتماع الإخوان على الكفاية مع الأنس والألفة ليس هو من الدنيا. انتهى.
ولا يتنافى هذا مع فضل التصدق على الفقراء والمحتاجين فيمكن لمن أنعم الله عليه بالمال ووفقه لأعمال البر أن يقوم بذلك كله، أي يستمر فيما ذكر من إطعام الطعام وإفطار الصائم ويتصدق على الفقراء والمحتاجين أيضا، لكن لو دار الأمر بين أن يفعل هذا أو ذاك لكونه لا يستطيع الجمع بينهما أو لا يريده، فالظاهر أن إطعام الطعام وجمع الناس مع ما ينضم إلى ذلك من الحديث في أمور الدين أفضل، فقد علمنا من أكثر من ثقة ممن عاشوا في تلك البلاد أن حاجة الناس إلى مثل هذا الاجتماع الذي يتحدث فيه عن أمور الدين ولا يخلو من تعليم جاهل أو تذكير ناس أو تنبيه غافل أكثر من حاجتهم هناك إلى الطعام، وإذا أمكن أن يكون هذا الاجتماع والأكل في غير المسجد فهو أولى، لأن من العلماء من يرى عدم جواز الأكل في المسجد إلا ما كان خفيفا وجافا مثل التمر ونحوه، وإذا لم يوجد غير المسجد فقد أجاز الكثير من أهل العلم الأكل بالمسجد من غير تقييد؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 68828، لكن تجب المحافظة على المسجد من أن يتلوث ببقايا الطعام، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 95980، 6322، 50606.
والله أعلم.