خلاصة الفتوى: طريق الإخلاص الاستعانة بالله واستشعار خطر الرياء ومجاهدة النفس..
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإخلاص ويجنبنا الشرك ما ظهر منه وما بطن ، ولتعلم أن الإنسان بطبيعته- في الغالب- يحب أن يتفوق ويكون أحسن حالا وأكثر علما من غيره ويكره أن يكون أحد فوقه أو أحسن منه حالا، ويظهر هذا في الأقران أكثر، فينبغي للمسلم أن يلجم هذه الغريزة بلجام الشرع ولا يحمله ذلك على الحسد لمن أنعم الله عليه، ولا مانع من الغبطة وهي تمني حصول مثل ما عند الآخرين من النعم، وتكون مسابقتهم في ذلك من باب المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إليها التي أمر الله بها وكان الصحابة والسلف الصالح يفعلونها، وفضل الله واسع يؤتيه من يشاء من عباده.
ولذلك فما دام سعيك في الحصول على مثل ما عند الآخرين دون أن تتمنى زوال النعمة عنهم فهذا لاشيء فيه.
ولكن لا ينبغي أن يكون قصدك مجرد الحصول على هذا العلم لأن فلانا من الناس حصل عليه أو ما أشبه ذلك؛ فعليك أن تقصد بهذا العمل وجه الله تعالى وتستغل هذه الرغبة في الحصول على العلم أن تعمل به في نفسك وتنفع به أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل حال لا يجوز لك أن تترك طلب العلم أو غير ذلك من الأعمال الصالحة خشية الرياء فقد قال أحد السلف: العمل للناس شرك، وترك العمل لذلك رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما، وقال بعضهم: تعلمنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله، والمقصود بهذا علم الوحي وما تعلق به لما فيه من الترغيب والترهيب والوعد والوعيد...
ومما يعينك على الإخلاص: مجاهدة النفس واستشعار خطر الرياء وأنه من الشرك المحبط للعمل، ومنه الدعاء فقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً نتخلص به من الرياء، فقد روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه؟ وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله، قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 19043.
والله أعلم.