خلاصة الفتوى:
العمل في البنوك الربوية حرام إلا لمضطر، ولا خيار للمسلم في أخذ الربا وترك ما أمر الله به من التجارات المشروعة بحجة كلفتها الباهظة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي جواب الأخ السائل مسألتان:
الأولى: العمل في البنك الربوي لا يجوز لأن العامل فيه معين على الربا الذي هو العمل الرئيسي والوحيد للبنوك الربوية، وقد نهى الله تعالى عن التعاون على الإثم، فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، ينضاف إلى هذا أن العامل قد لا يخلو من أن يشمله اللعن الوارد في الربا من بعض الوجوه، ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.
فليبادر الأخ السائل بترك العمل في البنك الربوي امتثالاً لأمر الله تعالى وبعداً عن اللعن، ولا يحل له البقاء في عمله إلا لضرورة بحيث يخشى على نفسه أو ماله الهلاك، أو لا يجد عملاً آخر حلالاً ينفق منه على نفسه وأهله.
الثانية: الشراء عن طريق البنك وبالصورة المذكورة حرام، لأن البنك فيها يقرض الموظف قرضاً بشرط رده بزيادة قلَّت هذه الزيادة أو كثرت، فالربا قليله وكثيره حرام، لقوله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}، فلم يستثن شيئاً زائداً على رأس المال فدل على حرمة الربا وإن قل، ومما يدل لذلك أيضاً قوله تعالى قبل هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة:278}.
وأما الشراء عن طريق المرابحة فجائز، ولا وجه للمقارنة بين المرابحة والإقراض بالربا، فالمرابحة تجارة مشروعة، والإقراض بفائدة ربا محرم فلا وجه لأن يتردد المسلم في اختيار المرابحة على الإقراض الربوي بدعوى أن ثمن المرابحة أعلى من فائدة القرض، فالحرام حرام وإن سهل وخف.
والله أعلم.