الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه. متفق عليه. واللفظ للبخاري، وهذا من تعظيم الشارع لحق الزوج على زوجته، والحرص على حصول الاستقرار والسعادة في الحياة الزوجية، فأما إذا استأذنت منه ورضي فلا حرج عليها في الصوم حينئذ حتى ولو كان هذا الإذن بشكل مطلق، وكذلك الحكم في صلاة النافلة إذا كان أداؤها يتعارض مع تأدية حق الزوج ومنه طاعته في المعروف ومنه تعجيله في الخروج لقضاء حاجة له ونحوها.
جاء في الخرشي المالكي في شرح مختصر خليل ممزوجا بكلام صاحب المتن: وليس للمرأة يحتاج لها زوجها تطوع بلا إذنه يعني أن الزوجة ليس لها أن تتطوع بالصوم أو غيره وزوجها محتاج لها، فإن فعلت فله أن يفطرها بالجماع لا بالأكل والشرب، فإن استأذنته فقال لا تصومي فأصبحت صائمة فله جماعها إن أراد وكذا إن دعاها لفراشه فأحرمت بصلاة النافلة فله قطعها وضمها إليه.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويجوز إخراج الزوجة من النفل لحق الزوج لأنه واجب فيقدم على النفل بخلاف الفرض.
وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ويجيب مصل والديه بنفل رعاية لحقهما وبرهما وتخرج من صلاة النفل لحق الزوج لوجوب إجابته عليها.انتهى.
هذا وليعلم أن قيام المرأة بحق زوجها وحسن تبعلها له وحرصها على إرضائه كل ذلك من أفضل القربات التي تتقرب بها إلى ربها عز وجل ومن أسباب رضاه ودخول جنته.
كما أنه ينبغي للزوج أن يحرص على إعانة زوجته على طاعة الله، ففي ذلك خير كثير له ولها ولأهل البيت جميعا.
قال الحافظ ابن حجر: فإذا تنازل عن حقه وسمح لها بالقيام بهذه الطاعة العظيمة – يعني الصوم بنية إعانتها عليه كان ممتثلا لقوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى، فيكون له أجر امتثال أمر الله تعالى وأجر الإعانة على الخير. انتهى.
ولا يجوز له بحال أن يسخر من عبادتها وحرصها على طاعة ربها .. ففي ذلك جرم كبير، فكيف يسوغ له ذكر الفضل العظيم أن يضيق على زوجته أو أن يسخر من التزامها.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 43604، والفتوى رقم: 64844.
والله أعلم.