الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيظهر من السؤال أن نصيب كل من الشريكين معلوم في المصنع والعمارة، فإذا باع أحدهما نصيبه للآخر فالبيع صحيح، وإذا تم البيع مستوفيا شروطه وأركانه كان بيعا لازما للطرفين إذا لم يكن هناك خيار لأحدهما أو كليهما، وعليه فملكية المصنع وغلته انتقلت بالبيع الصحيح إلى المشتري، ولم يعد للبائع حق في المصنع وغلته لخروج ذلك عن ملكه بالبيع.
أما الثمن الذي باع به الشريك نصيبه من المصنع فلم يظهر لنا هل جعل الثمن في ذمة المشتري بحيث يسدده إذا بيعت العمارة، أم جعل الثمن جزءا من العمارة ، فعلى الاحتمال الأول: وهو كون الثمن في ذمة المشتري ويوفيه إذا باع العمارة فهنا محذور وهو أن الثمن مجهول الأجل، ويشترط في الثمن أن يكون معلوم الصفة والقدر والأجل، والجهالة في الأجل تفسد العقد، عند جمهور العلماء مع اتفاق العلماء على أن البيع بثمن إلى أجل مجهول لا يجوز. جاء في المجموع: وإن باع بثمن مجهول مؤجل لم يجز إلى مجهول؛ كالبيع إلى العطاء لأنه عوض في بيع فلم يجز إلى أجل مجهول كالمسلم فيه. اهـ
ولأن الثمن إذا كان مجهول الأجل كان في ذلك غرر في البيع، جاء في في الفواكه الدواني: ومثال الغرر في الأجل في البيع أن يشتري سلعه بثمن إلى اليسار أو حتى يقدم زيد... ولا يجوز بيع الغرر ولا البيع إلى أجل مجهول؛ كأبيعك هذه السلعة والثمن من أولادها أو حتى يحصل اليسار. اهـ
وعليه؛ فإذا كان ثمن المصنع مؤجلا إلى وقت بيع العمارة التي لا يعلم وقت بيعها فإن هذا مفسد للعقد، وكأن شيئا لم يحصل بين الشريكين، فنصف المصنع لا يزال ملكا للسائل. أما إذا كان الثمن جزءا من العمارة وكان نصيب كل من الشريكين معلوما فالثمن والمثمون كذلك فالبيع صحيح وبه ينتقل المصنع كاملا إلى ملك المشتري، وينقص من ملكه في العمارة بقدر الثمن المتفق عليه.
والله أعلم.