الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العلي القدير أن يرحم والدتك رحمة واسعة، وأن يلهمك الصبر والسلوان، ثم عليك أن تتعزى في أمك بأن الموت أمر قد كتبه الله على جميع الأنفس، حيث قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {العنكبوت:57}، واحمد الله على أن مصيبتك لم تكن في الدين، فالمصيبة في الدين هي أعظم مصيبة، ولا تنس أن لك بحلول مصيبتك في أمك عبادة تتقرب بها إلى الله تعالى، ألا وهي الصبر على المقدور.
روى مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
ومن الأدب عند حلول المصيبة الاسترجاع، كما قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة:155-157}.
ثم اعلم أن شعورك بالوحدة في نفسك وبالغربة عن الكون، وتفكيرك في مثل هذه الأمور هو مدخل من مداخل الشيطان، فلا تتح له هذه الفرصة، فإنه بإتاحتها له يسعى في زيادة حزنك، وتكدير صفو عيشك وشغلك عما هو أنفع لك، فاشغل نفسك بالذكر وغيره مما هو مرغب فيه شرعاً، واعلم أن مصاب الأمة الإسلامية في فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من أي مصاب في حبيب أو قريب، ونسأل الله أن يسلك بنا وبك سبل الهداية ويعظم أجرك.
والله أعلم.