الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على الإنسان العاقل أن يؤمن بأن شرع الله هو السبب الوحيد المضمون لسعادة البشر وصلاح أحوالهم الدنيوية والأخروية، وعليه أن يعلم أن البشر إنما فضلوا على الحيوانات بسبب ما أنعم الله به عليهم من العقول ومن القيام بالعبادات، وبذلك يسعدون في الدنيا وينعمون في الآخرة بسعادة أبدية يتمتعون فيها بما يشاءون في الجنة التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ويظفرون بأنواع المتعة والمشتهيات في الوقت الذي صارت فيه الحيوانات ترابا وصار الكافر الذي كان يتمتع في الدنيا ويأكل كما تأكل البهائم. كما قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ. {سورة محمد:12}
وهنا يغتبط العقلاء الطائعون لله بتمسكهم بالشرع في الدنيا حيث يحسون بجزاء استقامتهم على الطاعة في الوقت الذي يرون فيه المجرمين تقلب وجوههم في النار لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش تلفح وجوههم النار، وهناك ينادي القرين قرينه ويوبخه على خياره السيئ الذي اختاره في الدنيا، ويقول: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ، أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. { سورة الصافات:61،62}
وأما أن يبقى العاقل يتمنى حياة حب غير مربوطة بالشرع، فهذا ما لا يرضاه ذو التصور الصحيح لنفسه حيث يحيى حياة عشق وهيام كما عاش العشاق ويتعب فيها في سبيل لا تستحق التعب.
أفلا وظف عاطفته فيما يفيد فتذكر نعم ربه الذي خلقه فسواه وعدله وصوره في أحسن صورة وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، ووفر له أسباب الراحة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومركب ومنكح، ومن وسائل ترفيه مباحة ومن مناظر في مخلوقات الله تمتع العقول ببهجتها. أفلا جعل حب الله فوق حب كل الخلائق لينال حلاوة الإيمان ويحيى الحياة الطيبة ويجد البركات والخيرات وتيسير الأمور الذي يناله المتقون الطائعون.
وأما القول بأن الزواج قد لا يأتي بالحب فهذا خلاف المحسوس عند الناس فالله تعالى الذي خلق الزوجين قد أخبر بأنه جعل بينهما مودة ورحمة، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {سورة الروم:21}
وأما نهي الشارع عن بعض الأشياء وأمره ببعض فإنما هو تشريع من حكيم رحيم بعباده عليم بما يصلحهم وما يصلحون به. فيجب على المسلم أن يرضى بالإسلام دينا ويتمسك به وأن يعلم أن الشرع ما حرم شيئا إلا لضرر فيه، وما النكبات التي عاشها العشاق قديما وحديثا كمجنون ليلى ومجانين المعاصرين الذين خسروا أشياءهم وتعطلت دراستهم وفشلوا في أشغالهم إلا مظهر من مظاهر الخسارة التي ينالها من عميت بصائرهم عن مصالحهم وغرتهم وسائل النشر والإعلام بما تبثه من سموم.
وراجع للاطلاع على المزيد فيما ذكرنا ولخطورة الحب الذي لم يبن على أساس شرعي، وفي حكم مطالعة قصص أهل الفساد الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33115، 5707، 4220، 97328، 70382، 64427 .
والله أعلم.