الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعامل المرأة مع زوحها المدمن على المحرمات

السؤال

هل لي أن أطلب الطلاق من زوجي إذا كان يشاهد المواد الإباحية وراقصات الرقص الشرقي شبه العاريات، وإذا كان نادراً ما يصلي أو يتحمل مسئولياته كزوج؟ وهو يرى أنه لمجرد أنه رجل فإن له أن يشاهد المواد الإباحية، بل يرى أن له أن يشاهد راقصات الرقص الشرقي! لأنه ذلك جزء من تراثه المصري، رغم أنه مسلم في الأصل.

وهو يقول لي: إن عليّ أن أكون منفتحة أكثر بخصوص شبقه نحو النساء، بينما يريدني أن ألبس النقاب، وهو يرى أيضاً أنه يجوز له أن يضربني أو يرفسني أو يصفعني على وجهي أو يدفعني عندما يغضب.

وإذا كان لي أن أطلب الطلاق لهذه الأسباب، فما هو نصيبي المالي (من ثروته)؟ هل ستكون مناصفة؟ وهل سيظل ينفق عليّ أنا وأولادي حتى بعد الطلاق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Nurmala abdul malek حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:


فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك زوجك وأن يذهب عنه كيد شياطين الإنس والجن، وأن يرزقه الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يصلح ما بينكما وأن يرزقه برك والإحسان إليك، كما نسأله تعالى أن يرزقك الصبر على سوآته، وأن يرزقك الحلم أمام أخطائه، وأن يعينك على مواصلة رحلتك بسلامة وأمان.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة حفظك الله - لقد انزعجت حقاً عندما بدأتِ الرسالة بطلب الطلاق من زوجك.. نعم إني أعلم أن هذه البداية تدل على إلى أي مدى أنت متأثرة وحزينة لما عليه زوجك وبيتك، ولذلك بدأت بالخاتمة قبل البداية فجعلت طلب الطلاق هو المقدمة، كأنك تصرخين من أعماق قلبك (لقد مللت هذه الحياة وسئمت من هذا الزوج وأريد أن أتخلص منه عاجلاً).

إن ما ذكرته من تصرفاتٍ أمور يندى لها الجبين ولا يقبلها العقل ولا يدعمها المنطق، سقوط وإباحية وتقصير في العبادات والطاعة وعدم تحملٍ للمسئولية، ثم ضربٌ وإهانةٌ وصفعٌ ودفعٌ ورفسٌ إلى غير ذلك من التصرفات المشينة التي لا تليق بمسلم صالح على أدنى قدر من العلم الشرعي الذي ينبغي أن يكون عليه، إنها حقيقة حياة مرة ومؤلمة وشركة ليست رابحة.

ولكن أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة -: ألا يوجد هناك حل آخر غير الطلاق؟ أنسيت أن هناك أولاداً سوف يتشتتون ويتشردون، ولعلهم يضمون إلى قائمة المجرمين بعد هذا الطلاق – والعياذ بالله تعالى – خاصة في هذا الزمن الصعب الذي من الصعب على الأسرة أن تسيطر على أولادها والأب والأم معاً في وقت واحد فما بالك عندما تكونين وحدك وتتحملين المسئولية وحدك، فإنه حقيقة لأمر عظيم خاصة وأنك قطعاً ما زلت في منتصف عمرك أو ما زلت صغيرة وقد يكون مطموعاً فيك وقد تفكرين غداً بأن تتزوجي لأنك في حاجة إلى رجل، أنت الآن ستقولين لا لقد طلقت الزواج بكل أنواع الطلاق ولكن غداً ستشعرين بالحاجة لأنها الفطرة.

ولذلك أقول -أختي الكريمة-: أتمنى أن نبحث عن حل بديل غير الطلاق، أتمنى أن نصرف الذهن تماماً عن موضوع الطلاق، لأننا عندما نأتي بحل سلبي يسيطر على أفكارنا وتصرفاتنا وننطلق من خلاله لندمر هذه الخلية الحية وهذه الأسرة القائمة، وننقض هذا البيت القائم من أصله وأساسه، وبذلك يذهب أدراج الرياح.

ولكن لو فكرنا في بديل، ما المانع أن تفكري في بدائل أخرى غير طلب الطلاق، زوجك يشاهد هذه المواد، هل فكرت - بارك الله فيك – أن تكلمت معه وذكرته بالله تعالى، وخوفته من عذاب الله بأسلوب كله رقة وكله محبة وكله شفقة وكله حرص، بدلاً من الأوامر والنواهي، بدلاً من إصدار الأحكام الجافة، بدلاً من اتهامه وتسفيهه لأن هذا يحرك فيه نزعات الشيطان ونزغاته، ولكن بالرفق: مثل. لولا أني أحبك ما كلمتك.. أتمنى أن نستعمل هذا الأسلوب، وأنا شبه واثق من أنك قد استعملته، ولكن أريد تلك التوابل، أريد تلك المرطبات أن يشعر بأن هذا صادر عن محبة وليس عن أوامر وإنكار، وإنما محبة ملء قلبٍ يتحرك بالكلمات لأنه يرى أن صاحبه يحتضر على سُلم الفضيلة.

قضية الصلاة أيضاً تحتاج منك إلى شيء من التذكير وشيء من النصح والتنبيه كلما حان وقت الصلاة ووضع اليد على الصدر ومداعبة الشعر الذي بين الثديين: قم صل لعل الله يكرمنا بصلاتك في أولادنا.. إلى غير ذلك من الأمور. وفي ذلك أجر كبير لك بالدلالة على الهدى.

حاولي بنفسك، حاولي وإن شاء الله تعالى أنا واثق أنك ستوفقين، ثم عندك السلاح الماضي القاتل والمدمر والفعال والمغيِّر: سلاح الدعاء.. سلاح الدعاء، حبيبك صلى الله عليه وسلم قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، وقال: (فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)، فأتمنى أن تكثري الدعاء له حتى وإن كنت كارهة له، حتى وإن كنت كارهة لتصرفاته، حتى وإن كنت تتمنين الطلاق منه.. أكثري من الدعاء له لعل ذلك كله أن يتغير ما بين عشية وضحاها، فعليك بالنصيحة والتذكير – كما ذكرت – بالحكمة والموعظة الحسنة، وعليك بالدعاء، ولا مانع بعد ذلك من إحضار بعض المواد الشرعية التي تتكلم عن حكم هذه الأشياء، كُتيبٌ، شريطٌ، هدية، وردة في مناسبة سعيدة بينكما، أي شيء طيب تدخلين به البيت على اعتبار أنك تشاركينه المشاعر والأحاسيس الجميلة الطيبة.

لا مانع أن تستعيني ببعض الأشرطة الشرعية أو بعض المحاضرات والندوات لكي تستمعوا معاً هذه الأشياء لتعرفوا حكم هذه التصرفات، لا مانع من الاستعانة ببعض المشايخ أو الدعاة أو طلبة العلم ليتولى زيارتكم وليتكلموا عن هذا الموضوع. إذا عجزنا فمن الممكن أن ترسلي رسالة إلى إمام المسجد الذي يصلي فيه زوجك الجمعة ليتكلم في حكم هذه الأشياء في خطبة الجمعة، وأنا واثق من أنك سوف تنتصرين لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ))[الإسراء:81]، ويقول: (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ))[الرعد:17].

إذن أنت على الحق ولذلك أنت مؤيدة بالحق فأكثري من الدعاء، وأوصيك بمزيد من الصبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشرك بقوله: (واعلم بأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً). وكم أتمنى أن تصرفي عن بالك فكرة الطلاق نهائياً وأن تبحثي في البدائل، وقد ذكرت بعضها ولكن قطعاً بلا شك لعله لديك الكثير والكثير منها.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون والتأييد منه جل جلاله وأن يصلح لك زوجك وأن يصلح حياتكما وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً