الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري عن موت إنسان عزيز

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 20 سنة، أعاني من وسواس قهري بحيث تأتيني أفكار عن موت أخ عزيز علي، وهذا منذ خمس سنوات، وهذه الحالة بدأت عندي في اليوم التالي بعد انقضاء حفلة خطوبة أخي، فأفيدوني في حالتي (سببها وكيفية التخلص منها).

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تهاني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الوساوس القهرية قد تكون فكرة سخيفة تتسلط على الإنسان، وهذه الفكرة قد تتكرر للدرجة التي تصل إلى مرحلة ما نسميه بالاجترارات الفكرية؛ بمعنى أن الفكرة لا تفارق الإنسان أبداً، وتتجدد كلما حاول أن يتخلص منها، وقد تأخذ الوساوس القهرية مناحي أخرى، كأن تتمثل في شكل مخاوف أو شكوك أو فكرة وصورة ذهنية خيالية عن حدثٍ ما، وربما تكون الوساوس في شكل أفعال أو طقوس أو تكرار بعض الأشياء كتكرار الأرقام مثلاً.

أسباب الوساوس غير معروفة بالكلية، ولكن الذي نستطيع أن نقوله: إن دراسات كثيرة أشارت إلى أنها تتأثر بشخصية الإنسان، فهنالك بعض الناس لديهم الاستعداد الغريزي والتكويني لأن يصابوا بمثل هذه الوساوس، وتأتي بعد ذلك أحداث أو ظروف حياتية معينة تظهر من خلالها هذه الوساوس.

إذن الوساوس تقوم على فكرة خبرة أو تجربةٍ ما سابقة، فمثلاً في مثل حالتك بعد انقضاء حفلة الخطوبة ظهرت هذه الوساوس، وهنا نعتبر حفلة الخطوبة بالرغم من أنها حدثٌ جيد وحدث سعيد إلا أنها كانت الرابط لهذه الوساوس.

بداية العلاج أن لا تصدقي الوساوس، وأن تعتبريها قلقاً نفسياً، تمثل في شكل هذه الفكرة المتسلطة، وبعد ذلك يكون هنالك إصرار على محاربتها، وأول محاربة هي أن تجري حواراً مع نفسك، أي لا يكون هنالك استسلام أبداً، قولي لنفسك: (ما الذي يجعلني أكون بهذه الصورة؟ لماذا أنا أقبل هذه الفكرة التي تسيطر عليَّ؟ لن أقبلها أبداً، فأخي إن شاء الله في كنف الله وفي حفظ الله وفي رعاية الله) وتسألين الله تعالى أن يبارك له في أيامه.

هذا هو المنطق العلاجي السلوكي الذي يقضي على الوساوس، ويمكنك أيضاً أن تستبدلي هذه الفكرة، -أي فكرة موت أخ عزيز عليك- بفكرةٍ أخرى وهي أن هذا الأخ العزيز سوف يتحصل إن شاء الله على وظيفة كبيرة ومحترمة مثلاً، وتكرري هذه الفكرة الجديدة.

التمرين الثالث هو ما نسميه بالمعززات السلبية، وفي هذه الحالة تقومين بالتفكير في نفس الفكرة الوسواسية، ثم بعد ذلك تقولين لنفسك: (قفي قفي قفي) وهنا تتصوري أنك تخاطبي هذه الأفكار كأنها كيان مجسد أمامك تخاطبينها وتأمرينها بأن تقف.

التمرين الرابع هو أن تتصوري وتتخيلي الفكرة الوسواسية، ثم بعد ذلك تقومين بالضرب على يدك بشدة وقوة حتى تحسين بالألم بشدة، والهدف هو أن الألم حين يزاوج ويتفاعل مع الفكرة الوسواسية سوف يقضي عليها ويضعفها؛ لأنه يعتبر تفاعلاً واستشعاراً غير متوافق مع طبيعة الوساوس، أي أنه يعتبر سلوكاً منفراً، وهذه التمارين تكرر عشر مرات في اليوم على الأقل، وعليك أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأن تكثري من الاستغفار والدعاء.

إذا كانت الوساوس لدرجة مقلقة وشديدة وتكون معها مخاوف فأنصحك بتناول دواء يعرف تجارياً يعرف باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وله مسميات تجارية أخرى كثيرة، فأرجو أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر فقط، ويفضل تناول الدواء بعد تناول الأكل، وهذا الدواء من الأدوية السليمة جدّاً والفعالة جدّاً وليس له أي تأثيرات سلبية بإذن الله، نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فرنسا mariem

    حتى انا اخاف من فقدان عائلتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً