الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض مرض الظنان وكيفية علاجه؟

السؤال

أنا شاب عمري 25 عاماً، أعاني من الخوف الاجتماعي خاصة في أماكن الاجتماعات، ويحدث في رقبتي بعض الرعشة بسبب هذا الخوف -الحمد لله- حالتي تحسنت بنسبة 80 بالمائة بعد أن ذهبت إلى دكتور نفساني وأعطاني بعض الأدوية لأستمر عليها أسبوعين، ثم ذهبت إليه وقلت له إن الحالة تحسنت بنسبة 80 بالمائة، فنصحني بإكمال العلاج لمدة ثلاثة أسابيع أخرى، ثم أرجع إليه، الأدوية هي أنديرال حبة صباحاً وحبة مساء، وكالميبام ربع حبة صباحاً وربع حبة عصراً، وسيرباس نصف حبة صباحاً، كل هذا جميل لكني لا أقدر على الذهاب للدكتور لارتفاع التذكرة، بالإضافة إلى أنه لا يكمل معي خمس دقائق.

ما أريده منكم أن ترشدوني إلى علاج لحالة أخرى، وهي أنني أظن كثيراً أن الناس تنتقدني وتكرهني، مع أنهم قد يكونون طيبين، ومع أني لا أفعل لأحد شيئاً يكرهونه.

ملاحظة: هذا الإحساس خفت وطأته بسبب الحبوب التي أتناولها، لأنها خففت من أعراض هذا الشعور، لكني أريد حلاً جذريا لهذا الشعور الذي أحياناً كثيرة أظن أنه صحيح، وأحياناً قليلة أظن أنه خطأ، قرأت كثيراً عن هذا الشعور وأظن أنه يسمى الاضطراب الضلالي، وهي أن تسيطر على الإنسان فكرة خاطئة يعتقد صحتها، أريد علاجاً لهذه الحالة من عندكم، حيث أنني لا أقدر على تذكرة الطبيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلله -الحمد والفضل- على هذا التحسن الذي طرأ على حالتك، والطبيب قد قام بإعطائك العلاج الصحيح لحالة القلق الاجتماعي التي تعاني منها، لكن لدي تحفظ بسيط حول مدة العلاج، فإني أرى أنه يجب أن تستمر على عقار (سيرباس) لمدة أطول، وسيرباس من المفترض أن يكون هو (سبرالكس Cipralex) أو ما يسمى علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)؛ لأن هذا الدواء هو الدواء الأفضل والجيد وغير إدماني وغير تعودي، وتناوله لفترة ثلاثة أشهر على الأقل بالنسبة لعلاج مثل هذه الحالات سيكون هو الأفضل أيها -الفاضل الكريم-.

الإندرال أيضاً دواء جيد وفعال، وسليم، أما الـ (كالميبام) والذي أعتقد أنه ينتمي إلى مجموعة (بنزودايزين Benzodiazepine)، فهو دواء ربما يؤدي إلى شيء من التعود، هذا بالفعل يجب ألا تستمر عليه لمدة طويلة كما نصحك الطبيب.

بالنسبة لحالة الشكوك الظنانية البسيطة التي تنتابك، أود أن أطمئنك كثيراً أن حالتك هذه لم ترق ولم تصل إلى مرحلة الاضطراب الضلالي، أو ما يسمى بالأفكار الاضطهادية.

هنالك ما نسميه بحالة الظنان البسيط المرتبط بالشخصية، وهذه حالات نشاهدها كثيراً، كل الناس قد تأتيهم بعض الشكوك وشيء من سوء التأويل، ولكن هذا يكون أكثر وأقوى لدى بعض الناس، وأعتقد أن الحالة التي تعاني منها هي مرتبطة بشخصيتك ومرتبطة بحالة القلق التي تعاني منها، وهي الحمد لله لم تصل أبداً للمرحلة المرضية، وأنت مستبصر بأن الذي يحدث لك ليس بصحيح، بالرغم من أن هذه الأفكار والاجترارات ربما تفرض نفسها عليك في بعض الأحيان.

وتحسنك بعد تناول الأدوية المضادة للقلق الاجتماعي نعتبره دليلاً جيداً على أن منشأ هذا الظنان البسيط ليس مرضاً عقلياً أو ذهانياً أو ما سميته أنت بالاضطراب الضلالي.

أيها الفاضل الكريم: باستمرارك إن شاء الله في تناول الأدوية المضادة للقلق الاجتماعي سوف تتحسن حالة الشك هذه، والذي أقوله لك إنه يجب أن تسعى إلى حسن الظن، وعليك أيضاً باتخاذ القدوة الحسنة، حاول أن تكون علاقتك وطيدة بالشباب الصالحين الطيبين الخيرين، ودائماً اجعل شعارك: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، [الحجرات:12]، حاول أن تضع ذلك كنوع من التنبيه لنفسك ولذاتك، فكل لحظة يأتيك هذا الشك والظنان يجب أن تذكر نفسك: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، [الحجرات:12]، والإنسان في حالات قد يأتيه شك وظن، وهذا لا يعتبر أبداً حالة مرضية.

فعليك بالتجاهل، وعليك أن تتذكر أن الشك ليس أمراً طيباً، وقد نهينا عنه في كتاب الله وفي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأقول لك أيضاً إن الحالة مرتبطة بالقلق، وبعلاج القلق سوف تختفي هذه الحالة -إن شاء الله تعالى-.

إذا لم تتحسن لديك هذه الأعراض -أي أعراض الظنان البسيطة- ففي هذه الحالة عليك تناول دواء آخر يعرف باسم تجارياً باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، والجرعة المطلوبة في مثل هذه الحالات هي واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

التواصل بصفة عامة -كما ذكرنا لك- هو أمر مفيد، خاصة التواصل مع الذين تثق فيهم، هذا إن شاء الله يقلل من هذا الظنان، وعليك أيضاً بأن تمارس رياضة جماعية مع بعض الشباب، هذه أيضاً -إن شاء الله تعالى- تكون سبباً لانحسار هذه الشكوك الظنانية.

بقي أن أقول لك: إن حالتك بسيطة، وأن هذه الاستجابات التي تحدث لك الآن هي استجابات إيجابية جدّاً، وتذكر هذا التحسن والبناء عليه هو في حد ذاته أيضاً أمراً جيداً للمزيد من التحسن.

أشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً