الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعلق بشخص لا يمكن الارتباط به.. ما نصيحتكم؟

السؤال

إخواني الأحباء في موقع الشبكة الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع، فطالما نحتاج لناصحٍ أمين لاستشارته، فبارك الله فيكم.

أنا فتاهٌ أبلغ من العمر ( 19سنة ونصف)، كنت أتردد على أحد المواقع الجهادية الفلسطينية، وذلك لكي يساعدني أحد للدخول إلى فلسطين، وخلال ذلك تعرفت على شاب يكبرني بخمس سنوات، ولم أكن أفكر أبداً في أن أحب شخصاً ما؛ لأني لا أفكر في الزواج مطلقاً وقتها، وكنت قد حددت طريقي في الحياة، والزواج كان سيكون عائقاً، وظل هذا الأخ يقنعني بالعدول عن فكرة التفكير بالسفر، وكنا نتناقش في هذا الأمر، وكنت أشعر أنه مجاهد فعلاً وكنت معجبة به كإعجابي بكل شباب فلسطين، وخلال ذلك تأكدت من وجوده فعلاً في فلسطين، وفاتحني أنه يريد أن يرتبط بي، لكن ظروفه للسفر لمصر صعبة للغاية، وذلك أنه ممنوع من السفر لمدة (99 سنة).

وفاتح أبي بالموضوع من خلال الماسنجر، ومع الوقت طلب مني أبي أن أقطع اتصالي به تماماً، وبدأت علاقتي بأبي تتدهور إلى حدٍ كبير، وكلما أقرر أن أقطع اتصالي به لا أستطيع، أتألم كثيراً، أجد كل شيء فوق رأسي هو هو، لا أستطيع أن أقطع اتصالي به، على الرغم أننا تعاهدنا ألا نتكلم في أمورٍ قد تدخل في إطار الحرام، بل مجرد أسئلة عن الحال.
أعرف أنكم الآن تتساءلون: أين المشكلة؟
وأقول: لا أدري.
هل اقطع اتصالي به فعلاً؟ لكني أخاف عليه، وهو أساساً له مشاكله وهمومه، فهل أكون أنا هماً آخر بعد أن عاهدت نفسي أن أحاول بقدر الإمكان التخفيف عنه.

كثيراً ما أشعر بالاكتئاب بعد أن كنت قد رميت الدنيا وما فيها خلف ظهري.

كنت لا أبكي أبداً إلا عندما يسقط شهيد، وأبكي على نفسي لا على أنه سقط شهيد.
أما الآن أبكي كل يوم في الليل، ولا أدري ماذا أريد، ولا أدري ماذا أفعل، ولا أدري ما هو هدفي.

الإجابــة

الابنة الفاضلة المباركة/ مصرية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، ونشكرك على ثقتك الغالية بهذا الموقع، ونشكرك على ثنائك عليه، ونسأله جل وعلا أن يجعلنا عند حسن ظنك وظن الجميع، كما نسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك فالأمر بسيط جداً من فضل الله ورحمته ولا يحتاج إلى أكثر من ترتيب الأوراق ومعرفة بعض الأحكام وستكوني من أفضل الأخوات إن شاء الله، ولكن ذلك يتوقف على مدى تعاونك معنا وعلى عزيمتك والتزامك.

1- أبشرك بأن رغبتك في مشاركة إخوانك على أرض فلسطين قد تكون سبباً في بلوغك منزلة الشهادة وإن لم تكوني منهم؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:( بأن من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منزلة الشهداء وإن مات على فراشه). كما أن تلك الأمنية علامة على صدق إيمانك من فضل الله ورحمته، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:( من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق). أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحمد لله أن منَّ عليك بهذه النعمة أولاً.

2- إن مسألة ارتباطك بأخ لا يمكن حسب الظاهر أن يقابلك أو يعيش معك نوع من تضيع الوقت وعدم الفائدة، ولذلك الارتباط به يكون عديم الجدوى، والأفضل فعلاً قطعه حتى وإن كان هو في حاجة إليه؛ لأنه لا يخلو من حظ النفس وشهواتها، وقد يؤدي من تكراره إلى عبارات غير منضبطة شرعاً، ولذلك أضم صوتي إلى صوت والدك وأؤيده بشدة وقوة.

3- أرى أنه كان من الواجب عليك طاعة والدك مهما كان الأمر؛ لأنه أدرى بالصواب وأوفق للشرع، فهو لم يأمرك بمعصية عندما طلب منك قطع الاتصال، ولذا عليك مصالحة الوالد وسؤاله المغفرة والتوبة إلى الله من معصيته.

4- عليك بإخبار الأخ برغبة والدك واعتذري إليه عن مواصلة الاتصال، وأشعريه بضرورة التزامك برغبة والدك شرعاً؛ لأنه لا يجوز لك مخالفته.

5- عليك بالدعاء له أن يثبته الله على الحق، وأن يرزقه الله خيراً منك، وأن يقدر له الخير حيثما كان، وأكثري من الدعاء له بظهر الغيب على قدر استطاعتك ...

6- إذا كانت رغبتك في السفر إلى فلسطين فإن الإسلام في أمس الحاجة إليك ومجالات خدمة الإسلام ليست محصورة في الجهاد وحده، فهناك مجالات لا تحصى بمقدرتك أن تخدمي فيها الإسلام، منها تعلم العلم الشرعي، وحفظ القرآن الكريم والمشاركة في الأنشطة الدعوية بين النساء، ودعوة إخوانك والقريبات منك إلى الالتزام والتمسك بالإسلام وآدابه قولاً وعملاً..

7- أكثري من الدعاء والإلحاح على الله أن يعز الإسلام وأهله، وأن يذل الكفر وأهله، فكل هذه وسائل فعالة ومؤثرة في خدمة الإسلام ...

8- اتركي عنك هذا البكاء، واستغلي هذا الوقت في الذكر والدعاء والاستغفار والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وطلب العلم الشرعي وستخرجين من تلك الأوضاع، وتتحسن نفسيتك وتكوني من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ...

مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً