الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والد يعاني من الاكتئاب الظناني، التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.

والدي يعاني من حالة نفسية غريبة، هي عبارة عن هواجس دائمة أنه سوف يحدث له أمر سوء كأنه سيدخل السجن..وما إلى ذلك، وهو يتخيل دائماً أن له أخطاء في الماضي، وأن هناك أناسا سوف يكتشفون هذه الأخطاء، وسوف يدخل السجن هو وأحد أقاربه الذي كان والدي يراعي له مصالحه بتوكيل منه.

ودائماً يقول لأخي الأكبر: سوف أعمل لك توكيلا لأني سوف أدخل السجن، وهو حابس نفسه في المنزل لا يخرج إلا بصعوبة، وهو دائم الحركة في داخل المنزل، فهو يتجول في المنزل ويردد دائماً (أنا وديتكم في داهية)! أنا ضيعت مستقبلكم جميعاً، أنا سأدخل السجن!

هذا كله في دماغه، بالرغم أنه لا يوجد أي شيء فعلي يدل على أن كلامه هذا صحيح، هو لا ينام كثيراً، وأياما كثيرة يظل حتى الصباح ساهرا يعمل حسابات، ويجمع ويطرح طوال الليل بدون نوم، وقد سبب لوالدتي وأختي الصغرى ولي تعبا نفسياً.

أختي في أيام كثيرة حالتها النفسية منهارة، وتبكي كثيراً، وهو مستمر على هذه الحال مسببا توترا شديداً داخل المنزل، وإذا ناقشناه لا يقتنع بكلامنا.

علاوة على ذلك يتخيل أشياء سوف تحدث كلها ليست في صالحه أو في صالح الأسرة، وهو لا يريد أن يذهب إلى الطبيب، ذهب مرة إلى الطبيب فأعطاه علاجاً وتحسن نسبياً لفترة، ثم عاد أسوأ مما كان، وحالته تزداد سوءا كل يوم.

أفيدوني للحل والعلاج، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ميدو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر والدك، نسأل الله له العافية والشفاء.

فقد أحسنت الوصف لحالة والدك – شفاه الله تعالى – وهذا الوصف الطيب الجميل يعطينا الفرصة لتشخيص حالته، فهو يعاني من حالة مرضية تعرف باسم (الاكتئاب الذهاني)، ونقصد بذلك يوجد اكتئاب نفسي عميق قد لا يظهر في شكل عسر في المزاج، ولكن يظهر في شكل تفكير تشاؤمي وظناني وشعور بالذنب.

أيها الفاضل الكريم: هذه الحالة تستجيب استجابة جيدة جدّاً للعلاج الدوائي، ولكن العلاج الدوائي لا شك أنه يتطلب الاستمرار.

من أفضل الأدوية التي تساعد والدك دواء يعرف تجارياً باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، جرعة البداية هي اثنان مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى أربعة مليجرام ليلاً، ويضاف لهذه الجرعة (أربعة مليجرام من الرزبريادون) دواء آخر يعرف علمياً باسم (بنزكسول Benzohexol) ويعرف تجارياً باسم (آرتين Artane)، والجرعة المطلوبة هي اثنان مليجرام.

الآرتين ليس دواء علاجياً، ولكنها تمنع حدوث الآثار الجانبية البسيطة التي قد يسببها الرزبريادون، والتي تتمثل في حدوث رجفة لبعض الناس، رجفة بسيطة في اليدين، وهذه ربما لا تحدث ولكن كنوع من التحوط وددت أن أصف هذا الدواء.

جرعة أربعة مليجرام من الرزبريادون والعلاج الدوائي الأساسي، والذي أرى أن يستمر عليه والدك لمدة ثلاث سنوات على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلاً، ويستمر عليها لمدة سنتين أو ثلاث.

بجانب الرزبريادون هنالك مضاد للاكتئاب يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، أو (فلوزاك Flozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرجو أن يتناوله والدك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم (عشرين مليجرام) ويستمر عليها أيضاً لمدة سنتين أو ثلاث.

هذه أدوية ممتازة، وهي الأدوية التي أرى أنها ستفيد والدك جدّاً، وهنالك أدوية كثيرة أخرى، ولكن هذه معقولة في سعرها، كما أنها سليمة جدّاً ولا تحتاج حقيقة لملاحظة طبية مستمرة، بالطبع بعد أن تتحسن حالة الوالد على هذه الأدوية يمكن التواصل مع الأطباء؛ لأن التحسن سوف يجعله إن شاء الله يتفاعل إيجابياً ويقبل الذهاب إلى الطبيب.

إذن حالة الوالد تتطلب العلاج الدوائي في المقام الأول، بعد ذلك بالطبع العناية به ومساندته وبره، فهي أمور لابد أن تكون مصاحبة للعلاج.

بالنسبة لأختك حقيقة وجود الوالد بهذه الصورة، وكذلك رفضه للعلاج قطعاً سوف يؤثر على أخواتك وعلى البيت، وكذلك على والدتك، فلا شك أن العيش مع المريض النفسي في كثير من الأحيان قد يكون صعباً على الأسرة، لذا نحن دائماً ننصح بإتاحة الفرصة للمريض لأن يتلقى العلاج الصحيح، ويُعرف أن العلاج يساعد المريض ويساعد أسرته.

كتب الدكتور عادل صادق – عليه رحمة الله تعالى – كتابا جيداً اسمه (في بيتنا مريض نفسي)، فيمكنك أن تتحصل على هذا الكتاب وتطلع عليه، لأنه أيضاً به إرشادات الجيدة في كيفية التعامل مع المريض النفسي.

أسأل الله له الشفاء والعافية، وأشكرك على اهتمامك بأمر والدك، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً