الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إفشاء الأسرار الزوجية للأقارب

السؤال

لقد تزوجت حديثاً، ومشكلتي أن زوجي متعلق بأمه كثيراً، ولا يستطيع أن يخفي عنها أي شيء في حياتنا، حيث يحكي لها كل صغيرة وكبيرة، وأجد كل أخواته يعرفن كل شيء ويتداولنه فيما بينهن، وعندما أخبره أن ذلك لا يجوز فإنه لا يلتفت إلى ذلك، وتأتي أمه بعد ذلك تحاسبني على ما فعلت، وهذا يعطي لها الحق في التدخل بيننا بشكل كبير، مما يؤثر بشكل سلبي على حياتنا بصفة عامة.

وعندما أقول لها إنه عيب على زوجي أن يفعل ذلك، ترد علي بأنها سألت شيخاً وأخبرها أنه لا حرج أن يخبر أهله بكل صغيرة وكبيرة، وأنه يجب على زوجته أن لا تفعل مثل ذلك، وقد أخبرتني بأنني أصبحت ضمن مسئوليته التي هي ضمن مسئولية أهله أيضاً، بمعنى أنها يجب أن تعرف كل شيء.

علماً بأنني أعيش مع أهله في بيت واحد، فماذا أفعل لكي يقتنع بأن ما يفعله لا يجوز؟!
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصلح ما بينك وبين حماتك، وأن يجعل حياتكما حياة أمنٍ وأمانٍ وسعادة واستقرار، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما يفعله زوجك ليس طبيعياً فعلاً؛ لأن من حق الرجل أن يحتفظ مع زوجته بخصوصيات ولا يُخبر أمه إلا بما يرى أنه في حاجة إلى مساعدتها فيه، والمجالس بالأمانة، حيث لا يجوز للإنسان أن يُخبر أحداً بما دار بينه وبين شخص آخر، بمعنى أنني لو كنت أتكلم مع شخص ما ثم انصرف ثم جاءني غيره – وإن كان أبي أو أمي – وقال لي ماذا كان يقول فلان لك، فلا يجوز لي أن أخبره بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المجالس بالأمانة)، ويقول: (إذا حدثك أخوك بحديث فهو أمانة وإن لم يستكتمك).

والحياة الزوجية قائمة أساساً على السرية؛ لأن الرجل بينه وبين امرأته أمور لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها مطلقاً، حتى ولو كان أقرب الناس إليه، وهذا من حق المرأة المسلمة أن تكون أسرارها داخل جدران بيتها، ولا يجوز لها أن تُفشي سر زوجها، وبالتالي لا يجوز لزوجها أن يفشي سرها أبداً، أو أن ينقل الكلام الذي يدور بينه وبين امرأته، سواء أكانوا يعيشون مع أهله في بيت واحد أو كانوا يعيشون في بيت مستقل، وإنما لمجرد أن يتزوج ويدخل بزوجته تُصبح له خصوصية ولحياته خصوصية، ولزوجته خصوصية.

وإذا سألت أمه عن أمر ما، فيجب عليه أن يُخبرها إذا كان الأمر ليس فيه حرج، حتى تطمئن عليه، وأما أن يُخبرها بكل صغيرة وكبيرة فهذا ليس بصحيح وهذا خطأ فادح، وهذا الكلام ليس فيه خلاف.

وأتمنى أن تطلبي من زوجك الفاضل أن يتصل بمكتب الفتوى أو يتصل بأي إمام من أئمة المساجد وأن يسأله عن ذلك: هل يجوز لي أن أحكي كل صغيرة وكبيرة تدور بيني وبين زوجتي لأمي أم لا؟ ولن يجد أحداً يقول إن ذلك جائز، ناهيك عن أن يكون واجباً؛ لأن هذه أسرار ينبغي على الرجل أن يحتفظ بها لزوجته.

وأما كون أمه أخبرتك بأنك أصبحت ضمن مسئوليتهم التي هي مسئولية أهله، فهذه المسئولية ليس معناها التدخل في الأمور الخاصة، وليس معناها الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة، وإنما المسئولية تكون مسئولية في الطعام وفي السكن وفي الكسوة وفي الرعاية الطبية وفي المسائل الاجتماعية، والخصوصيات ليس ضمن مسئولية أحد، وإنما هذه مسئوليتك أنت وزوجك فقط.

إذن زوجك في ذلك قد جانبه الصواب، وأما إذا كانت هناك مشكلة لا يتم حلها إلا بتدخل الأم فيجوز أن تخبرها عن ذلك فقط، وأما أن يفشي أسرارك وكل صغيرة وكبيرة بحجة أن أمه لابد أن تعرف كل شيء فهذا ليس صحيحاً ولا علاقة له بدين الله تعالى، نسأل الله أن يبصركم بالحق، وأن يهديكم صراطه المستقيم، وأن يعينكم على بر والديكم وإكرامهم والإحسان إليهم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً