الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعثر في الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شخص مسكين ما أحس نفسي أن يمشي حظي معي، ولو في أي شيء، يعني لو أردت أخطب بنتا، تصير لي أكثر من مشكلة! ولو أردت تكون عندي صديقة نفس الشيء ما عندي حتى ولا صديقة، ولا أعرف يعني حتى البنات يقتربون مني، وأنا ما أرغب في واحدة منهن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله - تبارك وتعالى - أن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يوسع رزقك وأن ييسر أمرك، وأن يضع لك القبول في الأرض، وأن يستعملك في خدمة دينه، وأن يباعد بينك وبين الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عوناً على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك تشعر بأنك شخص مسكين وأن حظك متعثر ولا يمشي معك.

هذا في الواقع ليس بكلام دقيق؛ لأنه أولاً ينبغي أن تعلم - بارك الله فيك – أن الله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والواحد منا وهو مايزال في رحم أمه أمر الله تبارك وتعالى الملك الذي ينفث فيه الروح أن يكتب أربع كلمات، ومن هذه الكلمات رزقه، فكل واحد منا له رزقه الذي قدره الله له، إلا أن هذه الأرزاق - بارك الله فيك – أحياناً تكون ضيقة وأحياناً تكون متوسطة وأحياناً تكون واسعة، وفي أحيان أيضاً تتسع جدّاً وأحياناً تضيق جدّاً وأحياناً وسطية؛ لأن كل واحد منا له خزانة أودع الله فيها رزقه الذي سوف يأتيه في حياته كلها، وهو يسحب من هذا الرصيد الموجود، حتى إذا ما نفد يكون الإنسان قد انتهى عمره في هذه الحياة.

فكونك تشعر أو تحس أن حظك ليس ماشيا معك، فهذا ليس صحيحاً، أنت تعيش الآن في القضاء الذي قدره الله لك، وهناك وسائل لتحسين الوضع، فأنا ممكن مثلاً قد يكون رزقي ضيقا نوعاً ما أو غير موفق فأنا أتوجه إلى الله عز وجل بالأسباب التي بيَّن الله أن بها يتم تغيير الواقع، من هذه الأسباب إنما هو الدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فإذن إذا كان القضاء الآن أنني أكون فقيراً مع الدعاء يمكن أكون غنيا، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء)، ومولانا سبحانه وتعالى قال: ((أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ))[البقرة:186]، فأنا أنصحك - بارك الله فيك – أن تتوجه إلى الله عز وجل أن يوسع رزقك وأن يسترك وأن يجعلك من المتميزين في دراستك وأن يمنَّ عليك بخطبة فتاة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه.

أنت تقول إنك إذا أردت أن تخطب بنتا تصير لك أكثر من مشكلة، في الواقع لأنها ليست من نصيبك فتحدث المشاكل، ولكن صدقني - أخي الكريم مهند – لو أنها من نصيبك الذي قدره الله لك لن تحدث هناك أي مشكلة - بإذن الله تعالى – لأن الله تعالى كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة).

ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فأنت لك رزق ولك أجل سوف يأتيك - بإذن الله تعالى – ولكن لأن هذه الأخت ليست من نصيبك تحدث هذه المشاكل لأنها من نصيب غيرك وأنت من نصيب غيرها، وإلا – صدقني – لو أنها كانت من نصيبك لذلل الله كل العقبات وأذهب كل الصعاب حتى تكون لك - بإذن الله تعالى - .

أما كونك أردت أن تكون عندك صديقة ورغم ذلك لا يوجد أحد يمشي ولا يقتربون منك، في الواقع - أخي الكريم الفاضل – هذه رحمة من الله تبارك وتعالى بك؛ لأن قضية الصديقة في الإسلام لا وجود لها، فالإسلام لا يعرف أي علاقة بين الرجل والمرأة إلا من داخل الإطار الشرعي: إما أن تكون زوجة، وإما أن تكون أما أو أختا أو عمة أو خالة - أحد هذه المحارم – أما أن يأتي رجل مسلم واسمه (مهند) ومن أبناء الصحابة ليرتبط بصديقة بطريقة غير شرعية هذا لا يمكن، ولذلك أقول: هذه من رحمة الله - تبارك وتعالى –؛ لأن الله ما أراد لك أن تتلطخ بالمعاصي وأن تقيم علاقات محرمة، ولذلك يصرفهم عنك - بارك الله فيك - .

إذن الذي أنت فيه نوع من الرحمة ولكنه خلاف هواك ولذلك أنت تشعر فعلاً بأنه شيء قليل، أو من الأفضل أن يكون هناك خلاف هذا، ولذلك أقول: أنا أعتبر أنك في خير - بفضل الله تعالى – كبير وأن الله منَّ عليك بنعم عظيمة وأن الله سبحانه وتعالى يتولاك برحمته ويثبتك على الحق، الله سبحانه وتعالى ينعم عليك بنعم عظيمة وهي بُعد الفتيات عنك، هذه رحمة من الله تبارك وتعالى بك؛ لأن الله تبارك وتعالى لو قدر الله أن يكلك إلى نفسك قد تقع في المعاصي وتقع في المنكرات وقد تُبتلى بأمراض كثيرة، ولذلك أنا أنصحك - بارك الله فيك – أن تهتم بدراستك وتحرص على أن تكون متميزاً وأن تكون من أوائل الطلبة وتركز كل جهدك على هذا، ولا تشغل بالك بأن هذه التي تقدمت إليها لم يكن لك فيها نصيب، فهي ليست لك، وإنما أتمنى أن تركز على دراستك حتى تنتهي منها، وعندها سيتقدم إليك عشرات من يطلب منك أن تتزوج ابنته لأنك صاحب خلق وصاحب دين ومستقيم على منهج الله ورجل ناجح وعندك شهادة جامعية كبيرة، فأرجو أن تركز على دراستك وعليك بالدعاء وأكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية قضاء الحاجة، وأكثر من الاستغفار، وإن شاء الله تعالى سيجعل الله لك مخرجاً ويمنَّ عليك بما تريد وأفضل مما تريد.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً