الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعاناة من أفكار سلبية وشكوك.. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من أفكار سلبية وشكوك في أدنى شيء، ودائماً ما توجد فكرة تكدر علي، إما أن هذا الشخص يضرني أو يحسدني! وكنت أقول سابقاً أني في وساوس قهرية، أما الآن فأنا أقول إني محسود أو مسحور أو دخلني مس! وتعبت جداً من هذه الأفكار، فما هو الحل برأيكم؟

أرجو أن تساعدوني، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
فإن هذه الأفكار التي تنتابك حقيقة هي ليست وساوس قهرية، فهذه نسميها بالأفكار الظنانية أو الأفكار الشكوكية، ولكنها - الحمد لله تعالى – ليست للدرجة الشديدة أو المطبقة، أي أنها لم تصل إلى الدرجة المرضية، ولكن لابد أن تعالج بالطبع.

يسمي البعض هذه الأفكار (أفكار إسقاطية)، بمعنى أن الواحد دائماً يرمي نواقصه وعلله وإخفاقاته على الآخرين، لا أقول إن ذلك ينطبق عليك، ولكن ذكرت ذلك فقط من قبيل إتمام المعلومة العلمية.

إذن: هي أفكار ظنانية وأفكار شكوكية، وبالطبع أنت أصبحت تبحث عن التفسير؛ ولذا فكرت في الحسد وفكرت في أنك مسحور – وهكذا – وأنت لا تلام على ذلك؛ لأن هذه الأمور شائعة جدّاً في مجتمعاتنا، ولكن لا أعتقد أنك مصاب بعين ولا أعتقد أنك مسحور، ما عليك إلا أن تكون حريصاً على صلواتك وتلاوتك للقرآن وأذكارك، وتسأل الله أن يحفظك من كل شر، وهذا يكفي تماماً.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وأنت في حاجة لعلاج دوائي؛ لأنه يعتقد أن هذه الأفكار تنشأ في الأصل من نوع من الاضطراب الكيميائي الذي يحدث في أماكن معينة في المخ خاصة في منطقة الفص الأمامي أو الفص الصدغي – الخلفي – في المخ، ويعتقد أن هذا الاضطراب الكيميائي يحدث لمادة تعرف باسم (دوبامين Dopamine) وأخرى تسمى بـ (سيروتونين Serotonin) يحدث هنالك نوع من عدم إفرازها أو الزيادة أو الاضطراب في إفرازها، ولا يعرف أسبابه، ولكن وجد أن هنالك أدوية معينة تؤدي إلى إرجاع هذه المواد الكيميائية وحفظها على المستوى المطلوب والمتوازن، وهذا بالطبع يؤدي إلى إزالة الأعراض.

إذن: أرجوك أن تبدأ في تناول العقار الذي يعرف تجارياً باسم (الرزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، فابدأ في تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً، لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة شهور.

هذه جرعة صغيرة جدّاً؛ لأن هذا الدواء يمكن تناوله حتى اثني عشر مليجرام في اليوم، ولكن لا أعتقد أنك تحتاج لأكثر من اثنين مليجرام في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى واحد مليجرام لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله.

هذا الدواء هو دواء سليم وسوف يساعدك كثيراً - إن شاء الله تعالى – في إزالة هذه الأفكار السلبية، الأفكار الظنانية والشكوكية.

بالطبع لا بد أن تسأل الله أن يجعلك تحسن الظن في الآخرين، فهذا أمر ضروري، فلا بد أن تجري نوع من الحوار والمخاطبة الداخلية مع نفسك، ولا تعتقد هذه المعتقدات أن بك مسا أو أنك مسحور، فأنت - إن شاء الله تعالى – في حفظ الله وفي حرز الله، فقط عليك التقرب من الله تعالى، وعليك بالطبع أن تأخذ بالأسباب وتتناول الدواء الذي وصفته لك.

وعليك أن تتواصل مع الخيرين والطيبين من الناس، فهنا تشعر بالطمأنينة، ويا حبذا أيضاً لو انضممت إلى جمعيات البر والجمعيات الخيرية، وجمعيات الإحسان، وحاولت أن تساعد الآخرين، فهذا - إن شاء الله تعالى – أيضاً قوي من ثقتك في نفسك وبالآخرين.

بارك الله فيك، وأسأل الله لك الشفاء، وجزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً