الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قدرة الرجل على العطاء العاطفي إذا كان متزوجاً قبل ذلك

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 19 عاماً، تقدم لخطبتي شاب عمره 31 عاماً، وقد كان متزوجاً قبلي ولديه طفلة عمرها ثلاث سنوات، وأنا رومانسية جداً، فهل يظل الرجل رومانسيا وقادرا على العطاء العاطفي إذا كان متزوجاً قبل ذلك؟ وهل سيكون فارق السن مشكلة؟ وكيف أتاكد من أنه لم يعد يحب زوجته السابقة ولن يعود إليها بعد ذلك؟!

علماً بأنه كان بإمكانه الرجوع لها إذا أراد، ولكنه لم يعد وفضّل الزواج من أخرى، وقد ذكر لي المشاكل التي كانت بينه وبين زوجته وسبب الطلاق، فهل هذا عيب في حقه؟ وقد كان يريد أن يأخذ ابنته إذا تزوجت زوجته السابقة ولكن عند رفضي لذلك قال أنه لن يحضرها لتعيش معنا في حالة زواجنا، فهل ذلك يدل على عيب في شخصيته؟ وكيف أتاكد من صدقه معي؟ وهل من الممكن أن يعقد مقارنة بيني وبينها؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Meramar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعة الله وأن يوفقك معه لتأسيس أسرة سعيدة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن فارق السن المذكور قد يجعل هناك نوعاً من الفارق في التفكير والمشاعر والآلام والآمال، وهذا أمر طبيعي جدّاً، لأنك تعيشين في جيل وهو يعيش في جيل آخر، إلا أنه ليس كبيراً، حيث يعتبر في قمة الشباب، فالشباب قد يتزوجون على رأس الأربعين لأن ظروف الحياة اختلفت.

ولذلك فإن السن مناسب للزواج، وتأثيره لن يكون بنسبة كبيرة؛ لأنه ما زال في منتصف مرحلة الشباب والقوة، وأما ما يتعلق بأنك رومانسية فإن الرومانسية صفة من الصفات النفسية، وهي لا تتأثر كثيراً بالظروف التي يمر بها الإنسان، فالإنسان الذي يبتسم بطبيعته فإنه يبتسم دائماً، وإن كان في بعض الأحيان يتوقف عن الابتسام فهذا أمر طارئ، ولكنه أصلاً خلق هكذا، والإنسان البشوش بشوش دائماً، والإنسان العبوس عبوس دائماً، حتى وإن حاول أن يغير فإنه لن يستطيع أن يستمر طويلاً.

فإذا كان يتمتع بهذه الصفة فإنه سيستمر عليها، بصرف النظر عن كونه تزوج امرأة أو أكثر أو كونه مر بتجربة عاطفية أو أكثر، فهذا لن يؤثر ما دامت هي صفة فيه، وقدرة الرجل على العطاء العاطفي لا تتوقف، بل قد تزيد إذا كنت أفضل من زوجته الأولى، والعاطفة سوف تزيد أكثر وأكثر، ويمكن أن تكون فيك صفات لم تكن في زوجته الأولى فستكونين أحظى وسيكون إقباله عليك أكبر وأشد؛ لأن هناك عامل جذب لم يوجد في الزوجة الأولى.

وأما كيفية التأكد من أنه لم يعد يحب زوجته السابقة فإن هذه المسألة لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى، فلا تشغلي بالك بهذه المسألة، وينبغي أن تعلمي أن هذا واقع تقبلينه بهذا الحال الذي هو عليه؛ لأن الماضي لا يُمحى من ذاكرة التاريخ، فالماضي يسجل في التاريخ بحروف لا يمكن محوها من ذاكرة أي إنسان، وتلك حكمة الله تعالى في خلقه، وأما رجوعه إلى زوجته السابقة فلا تشغلي بالك بذلك، وما دامت علاقته بها قد انتهت فهذا هو الذي يشغلك، وأنت دورك الآن أن تجتهدي في أن تملئي عليه حياته سعادة وسروراً وهناءً وحسن عشرة ومعاملة، وأن توفري له ما حُرم منه في زواجه الأول، وبذلك يكون الأمر كله في صالحك.

فهذا متوقف على سياستك معه، وعلى ما ستقدميه من تضحيات وخدمات هو في أمسِّ الحاجة إليها، وما ستغمرينه به من العطف والحنان والرقة والإقبال إلى غير ذلك.

وكونه لم يرجع لزوجته السابقة مع إمكانية ذلك فإن هذا يدل على أنه فضل الزواج من أخرى ولم يقبل العودة، ومعناه أن الزوجة الأولى قد انتهت من حياته، وأما إمكانية العودة إليها إذا أخفقت في مهمتك ولم تؤد رسالتك على الوجه الأكمل فإن هذا وارد، وأما قضية ابنته فإنه أراد أن يطمئنك وأن ينزل على رأيك بأن لا يقبل بأن تعيش ابنته معه رغم أنه كان يريد ذلك، ومن الوراد أن ترجع ابنته إليه؛ لأن زوجته الأولى إذا أرادت أن تتزوج فلن يكون لابنته ملإذن إلا والدها، وبالتالي سوف ترجع إليه، فلابد أن تهيئي نفسك لذلك.

وكونه وعدك بذلك فهذا ليس عيبا في شخصيته؛ لأنه قد يحدث ظرف يكون أقوى منه، ولو كنت مكانه فلن تقبلي أبداً أن تعيش ابنتك مشردة وأنت في قمة السعادة والهناء والسرور.

ولذلك فإنني أرى أنها مغامرة صعبة لست مضطرة إليها؛ لأن عمرك ما زال تحت العشرين، وكونه تقدم إليك فمعناه أنك مطلوبة وأن فيك قدرا من الجاذبية، فلست مضطرة أن تتعجلي الآن في الزواج، ويمكنك أن تصبري حتى يأتيك زوج بلا زوجة وبلا مشاكل وبلا أولاد، ويكون أيضاً قريباً منك في السن، وليس معنى هذا أن زواجك منه بهذا الحال خطأ، وليس معناه أنه سيكون غير موفق، بل قد يكون في غاية التوفيق؛ لأن التجربة السابقة ستلقي بظلالها عليه وسيحرص أن يتلاشى الأخطاء التي وقع فيها سابقاً، ولكنها مغامرة ينبغي أن تضعيها في اعتبارك من الآن، لأنها ليست كغيرها من الحالات كحالات الزواج التي لم تكن مسبقة بزواج سابق أو ليس فيه طفلة قد تضطر الظروف إلى ضمها إليكم في أي وقت.

نسأل الله أن يوفقك للقرار الصائب، واستخيري الله تبارك وتعالى لعل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً