الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإرشاد في اتخاذ العاقد قرار الفراق لعدم شعوره بالانجذاب نحو المرأة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب أبلغ من العمر (29) عاماً، وقد أنهيت الماجستير بالقانون، تقدمت لخطبة فتاة من نفس العائلة بناءً على ترشيح الوالدة حسب العادات والتقاليد السارية، واعتماداً على سمعة والدها، وما شجعنا أنها أنهت دراسة طب الأسنان.

المهم: تمت الرؤية حسب العادات، ويشهد الله أنني لم أشعر بالراحة أو الانجذاب نحوها نهائياً بالرغم من أنني استخرت الله قبل الذهاب للرؤية.

وعبرت للأهل عن هذه المشاعر فوراً، ولكن أشاروا علي بعدم التسرع لأن مثل هذه الأمور لا تنشأ إلا بالاحتكاك والنقاش، وبالتالي لابد من التعجيل بعقد القران، ونزولاً عند رغبة العائلة وبالرغم من شعوري بالنفور من الموضوع برمته أقدمت على القران وكأنني ذاهب لكارثة غير شاعر بالفرحة أبداً.

مضى الأسبوع تلو الأسبوع والمشاعر ذاتها لم تتغير، بل اكتشفت أن الفجوة بيننا تتسع نظراً لتباين بيئتينا الأسرية، ولمست صفات مذمومة لم ترق لي.

المهم: أصبحت أعزف عن الزيارة لها، حتى الاتصالات الهاتفية أقوم بها رفعاً للعتب وغصباً، بل وأنا جالس معها أصبحت أستعجل المغادرة، يعني: مزيج من القرف والنفور، وصارحتها بأنها يجب أن تطور نفسها وتخرج من حالة البرود والانكفاء على الذات، ومنحتها عدة كتب وأرشدتها لبعض مواقع النت المختصة، وكانت تتعاطى مع كل ذلك بلامبالاة وأنها أمور سطحية.

استشرت أصدقائي فقالوا لي: إن مثل هذه الأمور تكون في البدايات ويوماً بعد يوم يزداد التقارب وتشعر بالسعادة خلال التحضير للزواج، وآخرون قالوا: إن الوضع غير طبيعي.

المهم: مضى الآن على القران (3) أشهر وأنا أشعر بتمزق وانعدام الألفة والمودة تجاهها، وأنني أعيش أمراً واقعاً، أخشى من المضي بطريق مآله الفشل، بعد ثلاثة أشهر لا شيء يتقدم والأمور تزداد تعقيداً.

وأشعر أن الانفصال خير من الكذب والتمثيل بالسعادة، ووضع حد لعلاقة (3) أشهر خير من الاستمرار بلا مشاعر (50) سنة، وأحسب أن يكون ذلك من البلاء، واستخرت واطمأن قلبي لذلك، أتطلع الآن للاستشارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Amjad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

فإننا نتمنى أن يحرص الشباب على الوضوح في هذه المسائل لأنها مرحلة عمر، والمجاملة أضرارها كبيرة جدّاً، ولست أدري هل هي أيضاً تجد مثل ذلك النفور؟ وشريعة الله تريد للأمر أن يتم بالرضا والقبول، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ومن حق الشاب إنهاء العلاقة لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، وهذا الحق تضمنته الشريعة للفتاة أيضاً في فترة الخطوبة وفي المراحل المتقدمة وهو ما يسمى بـ (الخلع)، ولكن الشريعة تريد للمسألة أن تكون وفق الضوابط الشرعية: ((فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ))[البقرة:229]، ولذلك فليس من حقك أن تذكر ما وجدته فيها لأصدقائك؛ لأن في ذلك إساءة لها، وليس من حقها أن تتكلم عنك للآخرين.

ونحن في الحقيقة نتمنى أن تحاول التأقلم مع الوضع، وذلك بأن تتذكر ما عندها من الإيجابيات مع ضرورة أن تدرك أنك لن تجد فتاة بلا عيوب، كما أنك لست خالٍ من العيوب، والإنصاف يقتضي أن يذكر الإنسان الإيجابيات ثم يضعها إلى جوار السلبيات ثم يحكم بعد ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم نبهنا لذلك فقال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر)، وقد أحسن من قال:
من ذا الذي ما أساء قط *** ومن له الحسنى فقط

وأرجو أن لا تواجهها بما تدرك، واعلم أن قبولك لها أو رفضك لا يعني نهاية الأمر، فإن الله سبحانه يقول: ((وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا))[النساء:130].

وأرجو أن تحسموا هذا الأمر في أسرع وقت، وحاول أن تكرر الاستخارة، وشاور أهلك أهل الخبرة والدراية، وتوجه إلى من بيده التوفيق والهداية، ولا تستعجل واتخذ قرارك في النهاية، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه وأن يقدر لك ولها الخير ثم يرضيكما به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات