الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخوة العقيدة مقدمة على أخوة النسب

السؤال

سؤالي هو سؤال لم أستطع الإجابة عليه قد طرح علي من امرأة من أهل الكتاب، وهو كالتالي:
لو كان أبونا آدم وأمنا حواء هم أول البشر، وكان لهم أقوام وشعوب من بعدهم ألا يجعلنا جميعاً إخواناً وأخوات لأننا جميعاً ننحدر من نفس المصدر؟ أقصد كيف، ومن تزوج بمن حتى صارت هذه الشعوب والأمم؟

وشكراً لكم إخواني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali swidan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن شريعة الزواج وأحكامه تختلف من زمن إلى زمن، ولكل أمة جعل الله شرعة ومنهاجاً، وقد ذهب أهل التفسير إلى أن أمنا حواء كانت تلد في كل مرة توأم ذكر وأنثى، ثم يتم الزاوج بين الفتاة التوأم الأول مع الذكر من التوأم من البطن الذي يليه وهكذا تم تكاثر الناس بعد ذلك، ولا زالت الشعوب تختلف فيما بينها في مراسيم الزواج وطرائقه، وقد مرت البشرية بأوقات كانت الخطبة تتم بالخطف، ومرت عليها أزمان كانت الخطبة تتم بأن يخدم الرجل أهل الفتاة لمدة محددة كما حصل من نبي الله موسى - عليه الصلاة والسلام - والشرائع التي جاء بها الأنبياء تختلف في بعض تفاصليها، ولكنها تتفق في الدعوة إلى توحيد الله الذي لأجله بعث الله الرسل ولأجلها قامت سوق الجنة والنار.

ولا شك أن البشر إخوان، وأصلهم واحد، والأحاديث والآيات الدالة على ذلك كثيرة معلومة، منها قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))[النساء:1] ومنها قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))[الحجرات:13] وقال عليه الصلاة والسلام: (الناس لآدم وآدم خلق من تراب لينتهين أقوام يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون عند الله من الجعلان) وقد بعث الله الأنبياء لأقوامهم، ولكن رسولنا الخاتم بعث رحمة للعالمين.

وأرجو أن تعلمي أن أخوة العقيدة مقدمة على أخوة النسب كما قال مصعب بن عمير للأنصاري الذي أسر شقيقه، فقال مصعب - رضي الله عنه - للأنصاري: اشدد عليه فإن أمه غنية، فقال عزيز لمصعب: أهذه وصاتك بأخيك؟ فقال مصعب وهو يشير للأنصاري: إنه أخي دونك.

والإسلام لا يفرق بين الناس بالألوان أو بالأحساب أو بالأموال، وقد اجتمع حول النبي صلى الله عليه وسلم أبوبكر القرشي، وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن سلام اليهودي، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من صفية بنت حيي رضي الله عنها وأرضاها.

إذن فنسب الميلاد والذرية غير نسب العقيدة والولاء، فالأول يشترك الناس فيه أجمعون، أما الثاني فهو الفرقان بين أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان، والإسلام أتى بعدم التفريق بين البشر بسبب أجناسهم وألوانهم وقبائلهم، وإنما بالتفريق بينهم على أساس عقائدهم وأديانهم وأخلاقهم وأعمالهم، فالتفريق وقع على أساس العمل والكسب، أما ما لا يد فيه للإنسان ولا اختيار فلم يقع التفريق بسببه، وهذا من محاسن الشريعة وجمالها وعدلها بين البشر.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بالدعاء واللجوء إلى رب الأرض والسماء، ونسأل الله أن يفقهنا في ديننا.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات