الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يعاني من اكتئاب ويتناول أدوية للضغط، فما نصيحتكم له؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعتقد جازماً أن والدي يعاني من اكتئاب شديد جداً أحياناً، ويصاب بدوخة شديدة عنيفة تفقده التوازن تماماً، واستفراغ شبه يومي!

وزادت عليه هذه الفترة، واليوم وصل لمرحلة أشبه باليأس -والعياذ بالله- صرت أجزم بالحالة النفسية لأنه زار كل الأطباء وكل التخصصات وكل الأدوية ولمدة طويلة، منها: ستاغرون وبيتاسيرك ومهدئات وأدوية قولون ومعدة وأعصاب، وغيره الكثير الكثير.

هو الآن عنده ارتفاع شديد بضغط الدم يشرب له أربعة أنواع من الأدوية: هايبوتين وناترليكس وميلدوبين وزنوريل ومميع وأدوية معدة، والحمد لله الضغط هذه الأيام منضبط، وأيضاً: علمت أنه صار يعاني من سلس بول، بالتالي ساءت نفسيته حتماً لكنه لا يخبر أحداً عن هذه القصة.

لي صديق صيدلاني قال لي إنه برأيه أن يشرب والدي مضاد اكتئاب وعلى طول (يعني طول عمره ما بقي حياً)، وحين استغربت قال لي: ألا يشرب دواء الضغط طول عمره؟ فبرأيه أن مضادات الاكتئاب صارت مثل أدوية الضغط والسكري التي ستشرب طول العمر!

فما رأيك أيها الطبيب الفاضل بهذا؟ وما هو هذا الدواء والذي يناسب حالته وسنه ووضعه؟ وبأي جرعة وآلية بالتفصيل؟ (صديقي قال فلوكستين (حسب ما أّذكر) كبسولة يومياً وعلى طول) لأنني إن شاء الله فور الرد سأذهب لأحضر له الدواء ليشربه وبالجرعة التي تحدد، فالحالة زادت جداً جداً، وأخاف عليه جداً والخاتمة الأساس وتفهم قصدي يا طبيب.

وعمره 65 سنة ووزنه وطوله متناسقان، ومنذ ثلاث سنين يشرب دواء الضغط، ولكن من أكثر من سنة صار يشرب الأربعة أدوية للضغط، وبالسابق شرب كل أنواع الأدوية طبعاً، ومن 10 سنين تقريباً يشرب المميع أسبرين بشكل يومي والمهدئات زنكس ليكسوتانيل دنكسيت ......كثيراً، ولا يعاني من شيء غير حالة الدوخة الشديدة والاستفراغ، وهو متعلم ومثقف بشكل ضخم وأشبه بالموسوعة.

كل التحية لكم، جزاكم الله عني وعن والدي وكل المسلمين كل الخير، شكراً عظيماً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

جزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر والدك ونسأل الله لك المثوبة والأجر وله الشفاء والعافية.

مثل هذه الدوخة وعدم التوازن الذي يكون مصحوباً بالاستفراغ يكون في كثير من الأحيان مرتبطاً بالأذن الداخلية، وكذلك جهاز التوازن الداخلي، ولذلك أعطي والدك ستاغرون وبيتاسيرك، وهذه الأدوية تساعد كثيراً في مثل هذه الحالات، وحقيقة هنالك حالات من الدوخة والقيء تكون ناتجة من اضطراب في جهاز التوازن الداخلي قد تقاوم العلاج لدرجة كبيرة، ولا شك أن أطباء الأنف والأذن والحنجرة على دراية تامة لمثل هذه الحالات.

بالنسبة لوجود الاكتئاب من عدمه بالطبع ما دام الوالد مصاباً بكل هذه الأعراض، فهذا يؤدي إلى عدم الارتياح، وفي هذه السن نعرف أن الاكتئاب يأتي كثيراً للناس، وفي حالة والدك لا نستطيع بالطبع أن نقول إن سبب الدوخة هو الاكتئاب النفسي بصورة قاطعة، وعموماً المرضى الذين يتناولون أدوية الضغط هم عرضة في كثير من الأحيان للاكتئاب، وأنا أتفق مع ما ذكره الأخ الصيدلي أنه من الأفضل أن يعطى والدك فرصة ويجرب أدوية الاكتئاب لفترة معقولة.. لا أقول إنه يحتاج إليها لفترة طول العمر، ولكن حتى إن حدث ذلك فلا ضرر ولا ضرار - إن شاء الله تعالى – لأن هذه الأدوية الآن أدوية فعالة وأدوية سليمة وهي غير إدمانية وغير تعودية.

إذن: لا مانع أبداً من أن يتناول والدك – حفظه الله وشفاه وعافاه – أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، ولكني حقيقة أنا لا أؤيد الفلوكستين – مع احترامي الشديد لرأي الأخ الصيدلاني – لأن الفلوكستين يعاب عليه أنه قد يتفاعل سلباً مع بقية الأدوية التي يتناولها –خاصة أدوية الضغط– وهنا لابد أن نراعي السلامة، ولابد أن نراعي ألا تكون هنالك تفاعلات ما بين الأدوية.

الدواء الأنسب لوالدك هو الدواء الذي يعرف باسم (سبراليكس)، فهو داء مضاد للاكتئاب ودواء فعال جدّاً وسليم جدّاً، وقليل التفاعلات مع بقية الأدوية، فيمكن لوالدك أن يبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – نصف حبة – لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك يرفع الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً. علماً بأن هذا الدواء يمكن رفعه حتى إلى عشرين مليجرام في اليوم.

أرجو أن يستمر والدك على هذا الدواء لمدة ستة أشهر إلى سنة، وبعد ذلك - إن شاء الله تعالى – نقيس مستوى الاستجابة للدواء، ومن ثم يمكننا أن نقرر هل يستمر عليه أم لا.

يوجد دواء آخر يعرف باسم (دوجماتيل)، وهو يتميز بأنه دواء مضاد للقلق ويدعم الأدوية المضادة للاكتئاب، وفي ذات الوقت وجد أنه يعالج الأعراض النفسوجسدية مثل الدوخة –على سبيل المثال– فأرجو أن يتناوله والدك أيضاً، وجرعته هي خمسون مليجرام صباحاً ومساءً، يمكن أن يتناوله أيضاً لمدة ستة أشهر كنوع من التجربة العلاجية الدوائية، وهو دواء على العموم دواء بسيط وسليم جدّاً.

إذن: العلاج الدوائي الذي يناسب والدك من الناحية النفسية هو السبراليكس زائدا الدوجماتيل.

هنالك ملاحظة وهي أن تناول والدك للمهدئات مثل زنكس ليكسوتانيل دنكسيت بصفة متواصلة أو يومية، فهذا لا ينصح به بالطبع، فأرجو أن تنصحه في أن يحاول أن يقلل هذه الأدوية أو على الأقل يسحبها بالتدريج، أو على الأقل يظل على دواء واحد منها.

الدنكسيت هو دواء جيد وليس تعودياً، ولا مانع من أن يستمر عليه، ولكن الدوجماتيل – الذي وصفته - سوف يكون بديلاً أفضل بالنسبة للدنكسيت.

أما الزنكس واليكسوتانيل فأرجو أن تساعد والدك في أن يخفف منها على الأقل في هذه المرحلة، وفي المرحلة اللاحقة - إن شاء الله تعالى – يستطيع أن يتوقف عنها.

لا شك أن المساندة لوالدك والوقوف بجانبه هو أمر إيجابي أيضاً، وأنا أستشعر من رسالتك أنك الحمد لله تقوم بهذا الدور، وجزاك الله خيراً وأسأل الله له الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.
لمزيد من الفائدة راجع ما يلي:
علاج الاكتئاب سلوكياً: ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 )


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً