الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشخيص الطبيب للمرض وطريقة صرف الدواء وآثاره

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل يستطيع الطبيب النفسي أن يعلم ما في الشخص عند الدخول عليه إلى العيادة، حتى لو لم يعرف الشخص كيف يوصل المعلومات إلى الدكتور؟

ولنفرض بأن الدكتور صرف للشخص الدواء غير الصحيح، فهل هذا الدواء يؤثر على المريض وعلى عقل المريض وعلى جسم المريض؟ وهل هناك أي فحوصات تجرى على الشخص لمعرفة هل حالته النفسية عليلة أم صحيحة؟

وهل هناك شيء يجعل المزاج متعكراً، بمعنى هل هناك مرض يصيب المزاج (أقصد المزاج بذاته)؟ وهل هناك أي نصائح تعطيها للشخص حتى تكون نفسيته دائماً في حالة ممتازة؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مأمون حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الطبيب النفسي لا يستطيع أن يعلم ما في الشخص عند الدخول عليه، ولكنه يستطيع أن يبني بعض التصور والفكرة عن شخصية الإنسان وعن حالته النفسية بصفة عامة، وذلك من خلال مظهره، والطريقة التي يتكلم بها، وقسمات وجهه وهكذا، ولكن بالطبع لا يستطيع أحد أن يعلم ما في الإنسان تماماً، والتشخيص النفسي يقوم على ما يذكره الإنسان، وعلى ملاحظة الطبيب، وعلى المعلومات التي يستطيع الطبيب أن يتحصل عليها من الآخرين من أقاربه وأصدقائه، وذلك بعد الاستئذان من المريض.

وهنالك بعض الفحوصات العضوية التي قد تعطي بعض المؤشرات لتشخيص بعض الأمراض، وهنالك أيضاً فحوصات نفسية مثل: (اختبارات الشخصية)، فهنالك اختبارات ومقاسات مقننة للاكتئاب، ومقاسات مقننة للقلق وللوساوس القهرية وللهوس وحتى للفصام، فهذه تعتبر مؤشرات جيدة جدّاً تساعد الطبيب تماماً للوصول للتشخيص الصحيح.

أما بالنسبة لصرف الدواء الخطأ، فبالطبع إذا كان الدواء وصف خطأ في نوعه فهذا لن يساعد في علاج الحالة، ولكن لا أعتقد أنه سوف يؤدي إلى ضرر، أما إذا كان الدواء خطأ في جرعته فهذا بالطبع ربما تنتج عنه آثار سلبية كثيرة على صحة الإنسان.

لا توجد أدوية تؤثر سلباً على عقل الإنسان، فهذا أرجو أن أؤكده لك، ما عدا في بعض الحالات، فهنالك بعض المرضى الذين يعانون مما يعرف بـ (الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية) وهو حالة يكون فيها الإنسان مكتئباً في بعض الأحيان ويكون منشرحاً في أحيان أخرى، ويكون انشراحه مصحوباً بتطاير الأفكار وعدم الالتزام بالضوابط الاجتماعية، مثل هذا المريض إذا أُعطي دواء مضاداً للاكتئاب فهذا سوف يؤثر على عقله لأنه سوف يدخله في حالة هوس كامل وانشراح كامل، وهذه تعتبر حالة مرضية شديدة جدّاً، هذا هو الذي قد يحدث من بعض الأدوية المضادة للاكتئاب إذا لم تعط للحالة الصحيحة.

أما بالنسبة للفحوصات التي تعطى للشخص لمعرفة الحالة النفسية، فكما ذكرت لك توجد هنالك مقاييس مضبوطة ومقننة لقياس الشخصية، وكذلك لمعرفة درجة بعض الأمراض كالاكتئاب، وكالوساوس القهرية، وكالمخاوف، وكالقلق، وحتى مرض الفصام، فهذه تعطيه بعض البيِّنات، وهي تعتبر قرائن جيدة جدّاً.

ولكن الطبيب الذي يتمتع بمهارة كافية يعتمد اعتماداً كلياً على المقابلة الشخصية لوضع التشخيص الصحيح للمريض، وتكون بقية الإجراءات من فحوصات ومقابلات للمريض ما هي إلا إضافات لتأكيد التشخيص بالنسبة للطبيب.

أما بالنسبة لسؤال بأن هناك شيئاً يجعل المزاج معكراً، بمعنى هل هناك مرض يصيب المزاج؟
فبالطبع المزاج قد يعكر في حالة الاكتئاب، فهذا من أكبر أسباب تعكير المزاج، وهنالك أمراض عضوية قد تؤدي إلى تعكير المزاج مثل اضطراب الغدة، وعجز الغدة الدرقية أو بعض أمراض الكبد قد تؤدي إلى عسر في المزاج، ومرض الرعاش يؤدي أيضاً إلى الاكتئاب واضطراب في المزاج، وبدايات الخرف قد تؤدي إلى تعكر في المزاج، والمخدرات والمسكرات قد تؤدي إلى اضطراب في المزاج، وهنالك بعض الأشخاص بطبعهم - وبناءً على التشكيلة النفسية لديهم - لديهم القابلية والاستعداد أكثر من غيرهم لتغير المزاج دون سبب واضح.

أما النصائح التي نعطيها للشخص حتى يكون دائماً في حالة ممتازة:

أولاً: أنا أرى أن تقوى الله هي من أعظم الوسائل التي تريح النفوس وتجعل النفوس مطمئنة، قال تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28].

ثانياً: أن يكون الإنسان قنوعاً بما قسم الله له: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس).

ثالثاً: أن يكون الإنسان دائماً متسامحاً: (( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[آل عمران:134].

رابعاً: أن يكون الإنسان مجيداً لإدارة وقته، وأن يكون فعالاً، وأن يكون عالي الهمة، (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، وحين تأتيه بعض المصائب وبعض الابتلاءات يجب أن يكون لديه القدرة للتواؤم وللتكيف، وعليه بالطبع الاحتساب، وعليه بالصبر، وأن يعرف أن هذه ابتلاءات واختبارات بسيطة.

خامساً: التواصل الاجتماعي الفعّال، التواصل مع الأرحام والأصدقاء، والانخراط في العمل الخيري، وتقديم أي جهد في مساعدة الآخرين تعطي نوعا من الاكتفاء النفسي، وترفع من الكفاءة النفسية، وهذا بالطبع يجلب السعادة.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا دائماً وإياك من السعداء، وأن يوفقك ويسددك، وجزاك الله خيراً على صالح دعائك لنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن ينفع بنا جميعاً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً