الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نتيجة الاستخارة والرضا بها فيما يتعلق بالزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعرفت على فتاة تدرس معي بالثانوية في نفس القسم، وكانت العلاقة فيما بيننا مجرد زمالة، لكن دون إدراك مني بدأت أتعلق بها حتى قررت أن أنكحها، فبدأت السؤال عنها وعن أهلها فكانت الإجابات إيجابية، فقررت أن أعرف رأيها في، فسألتها عن طريق محرم: هل تقبل بي كزوج لها، فقبلت.
وبعد أن استخرت الله تعالى لم أعد أستطع الاتصال بها أو حتى سماع أخبارها، وقد أصبت بالحزن الشديد ولكنني أقاوم هذا الحزن، فما رأيكم في نتيجة الاستخارة؟ وهل تعني أن الفتاة لا خير فيها أم أن الله لم يشأ أن تكون علاقتي بها في الحرام؟!
علماً أنني أدعو الله بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل)، فما رأيكم؟!

أفيدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد النور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث ما كان وأن يرزقك الرضا به، وأن يشرح لما يعود عليك بالخير في دينك ودنياك، وأن يشغلك بما ينفعك في الدنيا والآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإنك تعلم أن الاستخارة إذا وقعت على الطريق الصحيح موافقة لهدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنها تكون خيراً؛ لأن من يفتيك إنما هو الله تعالى، والمفتي الأعظم هو الله جل جلاله، وإذا كنت قد سألت الله تعالى بصدق وإنابة وخشوع وتضرع فجاءت النتيجة بهذه الكيفية فأرى أن هذا الذي تشعر به إنما هو ثمرة من ثمار الاستخارة، ولا يلزم أن تكون هذه الأخت لا تصلح، وإنما احتمال أن يكون هذا الوقت غير مناسب بالنسبة لك أو لها، فأنت ما زلت الآن في نهاية المرحلة الثانوية وفي بداية المرحلة الجامعية وما زال أمامك وقت طويل وقد لا تستطيع أن تتزوج خلال هذه الفترة، فكأن الاستخارة تقول بأن هذا الوقت غير مناسب، ولكن هذا لا يمنع من أن تكون الأخت صالحة وأن تكون مناسبة لك ولكن في غير هذا الوقت.

من هنا فإني أنصحك أن تقطع علاقتك بهذه الأخت الفاضلة، وأن تنصرف إلى عملك وإلى مذاكرتك، وأتمنى أن تضع في اعتبارك أن تكون رجلاً مسلماً متميزاً، وعلى الرغم من أن الزواج نعمة عظيمة، ولكن هناك أمر أعظم من الزواج وهو الأمة الإسلامية، فحالها الآن يحتاج إلى من يفكر في رفع رايتها وفي إعادة مجدها وعزها ولن يكون هذا إلا بأن يكون هناك شباب من الصالحين من أمثالك متميزون في مختلف تخصصات العلم، ولن تستطيع أن تخدم دينك إلا إذا كنت رجلاً متميزاً، والأمة الآن يندر فيها وجود شاب متميز، فركز أن تكون متميزاً وأن تأتي بدرجات عالية حتى تدخل كلية ممتازة تستطيع من خلالها أن تخدم دينك.
وثق وتأكد بأن النساء غير هذه الفتاة كثير، وقد تجد من هي أفضل منها بمراحل، خاصة أنك ما زلت في مرحلة حرجة، وتدخل الآن في مرحلة الرجولة، وما زالت الرغبة الجنسية عندك عالية، ولذلك فإن هذه المسائل لن تتوقف عنك الآن، فاقبل بنتيجة هذه الاستخارة، ولعل الاستخارة تقول بأن هذا الوقت غير مناسب لهذا الارتباط، وهذا من رحمة الله بك ومن محبة الله عز وجل لك ومن إكرام الله لك، وثق وتأكد أنها لو كتب الله أن تكون من نصيبك فسوف يحجزها الله تبارك وتعالى لك، وسوف يصرف عنها الأبصار ويصرف عنها الأعين ويصرف عنها الشباب ولا يجعلها تفكر في غيرك ولا يفكر فيها أحد سواك إذا كانت لك، وإذا لم تكن لك فسيصرفها الله عنك؛ لأن الله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه المقادير والأرزاق (الزواج).

الله تبارك وتعالى جعل لكل امرأة نصيبها من الرجال وجعل لكل رجل نصيبه من النساء، فهو مدرك ذلك لا محالة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً).

أوصيك أن تجتهد في مذاكرتك وأن تلتفت لدراستك وأن تضع في اعتبارك أن تكون متميزاً حتى تخدم دينك، واعلم أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وتوقف عن هذه العلاقة لأجل الله؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أشار عليك بما فيه خير لدينك ودنياك، واترك أمرها إلى المستقبل، وأما دعاؤك الذي ذكرته في آخر رسالتك فهو دعاء طيب مبارك، فواصل الدعاء به لعل الله تعالى أن يجعلك من أهل الجنة وأن يباعد بينك وبين النار، نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً