الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشكوك والظنون السيئة بالعائلة .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أصبح أبي في الفترة الأخيرة كثير الشك في أفراد العائلة، وصار يهلوس ويتكهن بأشياء غير موجودة، ولا يريد أن يتحدث مع أي شخص، ولا يريد تقبل الذهاب إلى الطبيب، ويميل إلى الوحدة، وقد كرهني أنا وأخي لأننا نحاول التقرب منه دائماً.

صرنا نعيش أصعب الأيام، فقد كره العمل وصار ينام دائماً، والعائلة في حاجة ماسة لما نمر به من ظروف صعبة، وأهم شيء لدينا أن يصبح أبي بخير، فما علاجه؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك على اهتمامك بأمر والدك، فهذا نوع من البر، وإن الشكوك ومرض الظنان من الأمراض النفسية الذهانية المعروفة، ورغم أنك لم تدخلي في تفاصيل كثيرة إلا أن ما ذُكر في رسالتك أيضاً مفيد، وأنا على ثقة كبيرة أن والدك - شفاه الله - يعاني من حالة مرضية تعرف بمرض الظنان أو ما يسميه البعض بـ(الظنان الاضطهادي) أو (الظنان الباروني)، وهذه الحالات تستجيب كثيراً للعلاج، ولكن معظم المرضى يرفضون الذهاب إلى الأطباء ولا يتعاونون في تناول الدواء؛ لأن المريض في الأصل لا يكون على قناعة أنه يعاني من أي علة أو مرض.

يجب معاملة الوالد بالصورة التي تجعله يثق في من حوله، بمعنى ألا نتدخل في شؤونه كثيراً، وأن تقوموا بكل واجبات التقدير والاحترام، وأنصح أن يتحدث معه أحد أفراد الأسرة -وليس كل أعضاء الأسرة- من يثق فيه أكثر يحاول إقناعه بالذهاب إلى الطبيب، وليس هناك ما يدعو أن نقول له إنك يجب أن تذهب إلى الطبيب النفسي، ويمكن أن يقال له إنك في حاجة إلى فحوصات، وأنت تعاني من إجهاد، والمهم أن يتولى أمر التفاوض والتحاور معه الشخص الذي يثق به حتى ولو كان من خارج الأسرة، فهذا أمر ضروري جدّاً.

يجب أن لا يُناقش حول أفكاره، ولا تحاولوا إقناعه بأنه غير محق أو أنه يعاني من توهم أو هلاوس أو غيره كما يقول البعض؛ لأن محاولة نقاشه وحواره وأن نحاول أن نقعنه بأن أفكاره غير صحيحة هذا يؤدي إلى تقوية وتثبيت وتدعيم الشك والظنان عنده، فالتجاهل يعتبر وسيلة أيضاً مطلوبة في مثل هذه الحالات.

لا شك أنه في حاجة لتناول الدواء، فهناك أدوية مضادة للشكوك ومضادة للهلاوس وهي مفيدة جداً، وكما ذكرت لك حاولوا إقناعه بالذهاب إلى الطبيب وإذا لم تنجحوا في ذلك فسوف أصف لك الدواء، فأرجو محاولة الحصول عليه ثم إعطاءه له بأي وسيلة كنوع من المقويات أو كنوع من الفيتامينات، وهذا إن شاء الله جائز لأنه يأتي في مصلحته ومصلحة الأسرة.

من أفضل الأدوية التي تساعد في مثل هذه الحالات عقار يعرف باسم (رزبريدون)، وجرعة البداية هي (2 مليجرام) ليلاً، وبعد أسبوعين ترفع الجرعة إلى (4 مليجرام) ليلاً، وحين ترفع الجرعة إلى (4 مليجرام) يجب أن يعطى دواء آخر يعرف باسم (آرتين) والجرعة هي (2 مليجرام)، وهو ليس علاجاً دوائياً للأعراض التي يعاني منها، ولكنه يساعد في ألا تحدث له آثار جانبية من الدواء الأول (رزبريدون)، ويجب أن يستمر على جرعة (رزبريدون) لمدة عام على الأقل، ثم إن شاء الله تتحسن حالته ويصبح في وضع جيد، وبعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى (2 مليجرام) ليلاً، وحين تصل إلى هذه الجرعة هنا يتم التوقف عن تناول (الآرتين) لأنه لا داعي له، حيث أن جرعة (2 مليجرام) من (الرزبريدون) لا تسبب إن شاء الله أي آثار جانبية سلبية.

هناك أدوية بديلة أخرى منها عقار يعرف باسم (أولانزبين)، وعقار آخر يعرف باسم (سيروكيل)، وعقار ثالث يعرف باسم (استلازين)، ولكن في رأيي أن (الرزبريدون) هو الأفضل وهو الأسلم.

أسأل الله تعالى له الشفاء والعافية والتوفيق، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً