الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاسبة الزوج لزوجته على وساوس وخواطر في نفسه ليس لها رصيد من الواقع، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أود أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع الجميل، وأبادر بسرد مشكلتي لعل الله يجعل حلها عندكم.

أنا متزوج منذ ستة أشهر -ولله الحمد-، تزوجت من إحدى الدول العربية، وزوجتي -ولله الحمد- محتشمة في لبسها، ولكن دائماً تأتيني أفكار بأن زوجتي تتصنع لي باحتشامها فقط لتريني أنها على خلق، وأحياناً أخرى يبعث في نفسي أن زوجتي كانت على علاقة بشخص آخر، أو كانت تحب شخصاً آخر قبل زواجي، بدأت هذه الأفكار تؤثر على علاقتي مع زوجتي، فأنا إنسان شديد الغيرة على أهلي قد تصل أحياناً إلى المبالغة، وأنا أعلم أن زوجتي تحبني حباً صادقاً وتغار علي غيرة أيضاً شديدة.

أرجو منكم مساعدتي.

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -تبارك وتعالى- أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يبارك فيك وفي أهلك وأن يصرف عنك هذه الوساوس وتلك الأوهام الشيطانية التي يريد الشيطان فيها أن يفسد ما بينك وبين أهلك، وأن يخرب عليكما حياتكما الطيبة المباركة.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإنني أقول بداية: إن الله -تبارك وتعالى وجل وعلا- ما كلف عباده إلا بالأخذ بظواهر الأمور، ولذلك قال لنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- وهذا قانون عام لنا جميعاً: (لنا ما ظهر منهم ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل)، والله -تبارك وتعالى- أمرنا بحسن الظن بجميع المسلمين إلا إذا وجدت قرينة تدل على أن حسن الظن هذا ليس في موضعه ففي تلك الحالة يجوز لنا أن نسيء الظن، وامرأتك هذه أنت ما رأيت عليها سوءاً، ولا سمعت منها مكروهاً، وإنما رأيتها تقوم بواجبك وتحرص على إرضائك ولمست منها الحب الصادق والغيرة الشديدة عليك وهي حريصة على الاحتشام حتى تكون أهلاً لأن تكون زوجة لرجل مثلك، هذا هو الذي يطلب من أي امرأة مسلمة فاضلة في أي زمان وفي أي مكان، أما الأفكار التي تعتمل في رأسك فحقيقة إنما هي كلها من كيد الشيطان، كأن الشيطان عز عليه أن تكون آمناً مستقراً مع أهلك وأن تكون سعيداً مع زوجتك فبدأ يلقي إليك بتلك الوساوس وهذه الأوهام.

وهذه أمور حقيقة من تتبعها أفسد دينه ودنياه معاً، بل إنه قد يتعرض لأمراض نفسية شديدة لكثرة التفكير حيث يختل مزاجه ويتعكر صفوه وتفسد حياته ويتحول إلى إنسان مريض يحتاج إلى معالجة نفسية قد تطول أو تقصر، والسبب في ذلك أنه استجاب لداعي الشيطان وصار وراء وسواسه حتى أفسد عليه ثقته بأهله، وهذا قطعاً فعلاً يؤثر وسيؤثر أكثر وأكثر على علاقتك مع زوجتك إن واصلت الاستجابة له، ولذلك المطلوب منك أن تخلع من رأسك تماماً هذه الأفكار وأن تعلم أن هذا كله من كيد الشيطان وليس له أساس من الصحة وأنه يستحيل أن يكون صواباً.

أخي الحبيب: الله -تبارك وتعالى وجل وعلا- هو وحده الذي يعلم ما في القلوب، بل إن ملائكة الله الكرام البررة الذين يلازموننا على مدار الدقيقة والثانية لا يعلمون ما في قلوبنا وإنما لهم ما ظهر منا فقط، فأنت تريد أن تحاكم امرأة على ما في قلبها في حين أنك لم تر منها إلا خيراً، هذا -كما ذكرت- عمل من أعمال الشيطان وصورة من تلبس إبليس لعنه الله؛ لأنه -كما ذكرت- عز عليه أن تكون آمناً ومستقراً وأن تكون سعيداً فألقى إليك بهذه الوساوس وجاءت نفسك الأمارة بالسوء فتلقفتها وبدأت تنسج حولها أوهاماً وبيوتاً من الرمال أو من الخيال حتى أفسدت أو كادت أن تؤثر فعلاً على علاقتك ما بينك وبين أهلك.

نصيحتي لك: كلما جاء هذا الهاتف أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تكثر من هذا الدعاء المبارك: (اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي)، اللهم آتِ نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليُّها ومولاها، اللهم اصرف عني كيد شياطين الإنس والجن وعافني من تلك الوساوس التي تفسد عليَّ علاقتي بزوجتي)، أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.

ثانياً: إذا جاءتك هذه الأفكار وأنت جالس فقم، وإذا كنت نائماً فاجلس، وإن كنت في مكان فتحرك منه، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في الاستعاذة.

ثالثاً: أوصيك أخي بالأذكار والمحافظة على أذكار طرفي النهار خاصة أذكار الصباح والمساء والمواظبة عليها دائماً.

رابعاً: المحافظة على الوضوء ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ولو كان في كل وقت تحرص على أن تكون متوضئاً.

خامساً: الإكثار من ذكر الله -تبارك وتعالى- لأن الذكر حصن حصين.

سادساً وأخيراً: أوصيك أيضاً بالالتزام خاصة بما ورد عن حبيبك صلى الله عليه وسلم وهو قوله: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) في اليوم مائة مرة، ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- عدة جوائز إلى أن قال: (وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي أو حتى يصبح).

فأنا أوصيك أيضاً بالمواظبة على هذا صباحاً ومساءً؛ فلعلك بذلك تقطع دابر الشيطان الرجيم.

كما أوصيك أيضاً بسماع سورة البقرة، وأوصيك كذلك للاستماع إلى أشرطة الرقية الشرعية، ومحاولة أن ترقي نفسك، ولا مانع أن تستعين ببعض الإخوة الأئمة الصالحين ليقوم برقيتك لاحتمال أن تكون هذه عينٌ قد أصابتك لتفسد عليك علاقتك مع زوجتك وتخرب عليك حياتك.

هذا كله أمرٌ وارد فاجتهد واستعن بالله -تبارك وتعالى- وعلى رأس هذا الدعاء أن يذهب الله عنك هذا الوساوس وأن يبارك لك في زوجتك وألا يفرق بينكما أبداً ما دمت لا ترى منها إلا معروفاً وما دمت تشعر بمحبتها لك وغيرتها عليك، فهذه صدقني أصبحت من العملات النادرة الآن في حياة المسلمين الزوجية مع الأسف الشديد.

أسأل الله أن يعافيك من كل بلاء وأن يصرف عنك وسواس الشيطان وكيده ومكره وأن يرد كيده إلى نحره وأن يبارك لك في أهلك، وأن يبارك لأهلك فيك، وأن يجمع بينكما دائماً على خير، وألا يفرق بينكما إلا إذا كان ذلك أفضل، إنه جواد كريم.

هذا وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك محمد.

والله ولي التوفيق.
-------------------------
انتهت إجابة المستشار ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول ما يمدح وما يذم من الغيرة: (272932 -54884 - 266374 - 235780).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً