الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لشاب يعاني من شعور الآخرين بتكبره وغروره

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على موقعكم، أرجو أن يكتب كل خير فيه في ميزان القائمين عليه.

أنا شاب أبلغ من العمر (20) سنة، مشكلتي باختصار مع نظرات الآخرين، فدائماً وأنا أمشي إلى السوق أو الجامعة أو الأماكن العامة أشعر بالانزعاج عندما أرى الآخرين ينظرون إلي، وعندما أنظر إليهم أشعر بأنهم منزعجون مني لدرجة أنني أصبحت أمشي مثل الأعمى، بحيث أتجنب النظر للآخرين، والعديد من الناس عندما يرونني ينعتونني بالمتكبر أو المغرور، مع أنني بعيد عن تلكم الصفتين، وبذلك أصبحت أشعر بأن الآخرين يكرهونني, وحتى عندما أرى زملائي في الجامعة يتحدثون مع بعضهم أتجنب النظر إليهم، وأكتفي بالاستماع إلى ما يقولونه، أريد حلاً لهذه المشكلة في أسرع وقت ممكن.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يصلح ما بينك وبين خلقه، وأن يجعلك من المتواضعين الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.

أخي محمد: بلا شك أن ما ذكرته في رسالتك أمر مزعج حقّاً؛ لأن الإنسان حين يرى الآخرين ينظرون إليه بعدم الراحة فإنه أمر مقلق؛ لأن الإنسان منا مدني بطبعه ويستحيل أن يعيش وحده، ومن الصعب أن يعيش الإنسان وحده، وأن يتخير له بيئة لا يوجد فيها أحد، فنحن في حاجة إلى الناس أكثر من حاجة الناس إلينا، واسمح لي – أخي الحبيب محمد – أن أقول لك بأنه يستحيل أن يكون الناس جميعاً على خطأ، وأن تكون أنت على صواب؛ لأن هذا هو الواقع، وأنا أتكلم وفق المنطق الذي درج الناس عليه.

يصعب جدّاً أن يكون كل الناس على خطأ، وأن أكون أنا على صواب، لو أن الناس معظمهم لا يهتمون بهذا الأمر ولا يشمئزون من النظر إليَّ فلعلّي على قدر من الجمال أو القوة والصحة، أما أنت فتقول: إن الآخرين ينظرون إليك وتشعر في نظرهم أنهم منزعجون، وأن هذا الأمر عند الجميع، وتشعر بأنهم يكرهونك، فأنا أتمنى – أخي الحبيب محمد – أن تعيد النظر في نفسك، فطبعاً أنت قلت بأنك – ولله الحمد – بعيد عن صفتي الكِبر والغرور، فهذه قد تكون وجهة نظرك أنت؛ لأنه – أخي الكريم وصدقني- لو سألنا أي متكبر: هل أنت متكبر؟ سيقول: لا! لو سألنا أي مغرور: هل أنت مغرور؟ سيقول: لا! إذن: من الذي يعرف؟ من يحيط به.. من يتعامل معه؛ لأننا قد نتعامل بطريقة تراها أنت عادية جدّاً، ولكن يراها غيرك تحمل صفة الكبر أو الغرور أو الاستعلاء؛ ولذلك أنا أتمنى – بارك الله فيك – أن تنظر لأقرب الناس إليك، وأن تسأل أقرب الناس إليك، الوالد والوالدة والإخوان والأخوات والأصدقاء: ما الذي يجعلني غريباً في نظر الآخرين؟ ما هو الأمر المخالف في مشيتي أو في طريقتي؟ واسأل الناس، اسأل أقرب الناس إليك وأحباءك الذين ينصحونك: ما هي المشكلة؟ هل طريقة مشيي خطأ؟ هل طريقة كلامي فيها نوع من التعالي؟

وأنا واثق – إن شاء الله تعالى – أنك ستجد الحل؛ لأن الحل قد يكون في داخل نفسك، كونك مقتنع بأنك لست متكبراً، ولا مغروراً معناه أنك لست على استعداد بأن تغير نفسك؛ لأنك لا ترى أنك معيب، ولكن إذن لماذا ينزعج الناس عندما ينظرون إليك؟ لماذا تشعر بالكراهية؟ لماذا أصبحت واضطررت الآن إلى أنك تمشي كالأعمى؟‍ لا بد أن هناك شيئاً غير طبيعي، قد لا يكون خطأ، أنا لا أقول بأنه خطأ أخي محمد، ولكن أقول: اسأل أقرب الناس إليك، اسأل من يحبك ومن تعز عليه من إخوانك وأهلك: ما هي المشكلة؟ ما الذي يراني الناس فيه غريباً؟ سوف يخبرونك، يخبرونك بأن الطريقة الفلانية هي الطريقة التي تجعل الناس ينفرون منك، وأنت تعلم أن الطريقة هذه غير موافقة لما عليه الناس.

وكونك ترسل هذه الاستشارة لتسأل عن حل المشكلة معناه أنك تعاني من مشكلة فعلاً وأنها مشكلة، وكونك اتصلت وأرسلت رسالتك معناه أنك تبحث عن حل جاد، وأنت بذلك قد دخلت إلى الحل؛ لأن كونك توازن هذه المشكلة الآن وتريد أن تبحث عن حل معناه أنك وُفقت - إن شاء الله تعالى - للهداية للحل؛ لأن أهم شيء في الحل أن أشعر بأني في مشكلة، وأن أطلب المساعدة عندما أكون عاجزاً عن علاج المشكلة بنفسي، وهذه طبيعة بشرية، فأنا أنصح أن تجتهد - بارك الله فيك - وأن تكمل الرسالة بسؤالك لإخوانك ومن حولك، وقطعاً ستجد الجواب، وبتغييرك لسلوكك سوف تنتهي هذه الظاهرة وتكون محبوباً من القريب والبعيد، وأنا واثق من ذلك - إن شاء الله – وتبشرنا عن قريب، وأتمنى لك التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً