الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الوالد تزويج ابنه على الرغم من إحساسه بحاجته الملحة لذلك، ما رأيكم؟

السؤال

أنا في الفرقة الثانية في كلية الهندسة، وأنا لا أقدر على وصف ما أعاني من موضوع الجنس، أريد أن أتزوج لكن والدي لم يرض، وله أسباب، أهمها أنه لن يصرف علينا الاثنين، وأنا لا أقدر على العمل لأنني أسافر لكليتي كل يوم، والكلية صعبة، ولم أعد أقدر على الصبر، ولا أدري ماذا أعمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى أن يعينك على حفظ فرجك، وغضّ بصرك، وأن يوفقك في دراستك.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن طلبك الزواج أمر طبيعي فعلاً، وضرورة ملحة، خاصة وسط هذه الفتن العالية التي تعصف بكثير من الصالحين، فما بالك بالشباب، ولا أملك لك ولإخوانك الشباب بداية إلا أن أقول لكم كان الله في عونكم يا شباب الإسلام ألف مرة، فهي فعلاً فتن تدع الحليم حيران.

ولدي المهندس محمد: أعتقد إنه لا يخفى عليك أن الدنيا ابتلاء وامتحان واختبار، وإنها دار الكد والشقاء والمجاهدة؛ ولذلك وعد الله الشاب الصالح ثواباً ما أعطاه لغيره إذا ثبت وقاوم هذه المغريات والفتن الفتاكة، وفي ذلك يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عجب ربك من شاب ليست له صبوة) أي: هفوة أو زلة، والعجب هنا كناية عن الرضا والرضوان كما فسره السلف، وقال أيضاً: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله -ومنهم- شاب نشأ في طاعة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله) فهنيئاً وألف هنيئاً للشاب الصالح المستقيم العفيف الذي يقدم رضاه ومولاه على هوى نفسه ورغباتها، وأتمنى من قلبي أن تكون وأولادي منهم، وأن يحفظكم الله بحفظه ويستركم بستره.

وكم أتمنى أن تحاول مع والدك مرات ومرات ما دامت ظروفه تسمح ولو في أضيق الحدود حتى لا تقع في المحرم، ويمكنك الاستعانة بعد الله بوالدتك لعل الله أن يشرح صدرك والدك لتزويجك وإعانتك على الحلال الطيب المبارك، وهذا هو الحل الأمثل والأفضل، فاجتهد في إقناع والدتك، واستعن عليه بالله، وأكثر من الدعاء أن يشرح الله صدرك ليفرج كربتك، ويقضي حاجتك.

وإذا لم يتيسر ذلك -ولدي محمد- فليس أمامك إلا الصبر ومجاهدة النفس، والإكثار من الصيام، حيث أخبر نبيك -صلى الله عليه وسلم- أن الصوم وقاية من الوقوع في الحرام، حيث قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي: وقاية، واجتهد في غض بصرك والابتعاد عن الاختلاط، وتجنب مخاطبة أو مخالطة الفتيات قدر استطاعتك، وحاول التركيز في دراستك، والاجتهاد فيها، والحرص على التميز لعل وعسى أن يشغلك هذا، خاصة أن كليتك من الكليات التي تحتاج إلى بذل جهد مضاعف مع كثير من الوقت لإنهاء مذاكرتك، وأكثر مع ذلك من الدعاء والذكر والاستغفار والصلاة على حبيبك -صلى الله عليه وسلم- وقراءة القرآن، وصيام النوافل -كما ذكرت-، ولو أن تصوم صوم داود -عليه السلام- يوماً بعد يوم.

واعلم أنه على قدر صدقك وإخلاصك سوف يصرف عنك هذا السوء، ويجعل لك ألف مخرج ومخرج، وما ذلك على الله بعزيز.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً