الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حصول السعادة للإنسان في الدنيا.. بين النعمة والاستدراج

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ عام تقريباً، والحمد لله أعيش حياة سعيدة، نملك بيتاً خاصاً، والدا زوجي شخصان رائعان، وزوجي -ما شاء الله عليه- متخلق وحنون جداً، ولدي وظيفة محترمة، أنا والحمد لله أملك كل مفاتيح السعادة، إلى الآن لم أرزق أولاداً، لا بأس فأنا لم أتم عامي الأول.

سؤالي الذي يؤرقني هو: هل هناك أناس يعيشون في سعادة دائمة؟ هل يعني هذا أن الله يحب العبد إذا لم يبتله؟ أحب الله وأشكره كثيراً، وأحب رضاه، وتأتيني هواجس أنه ساخطٌ علي، فأنا أخاف جداً عقابه، مع أنني أصلي وأقرأ القرآن أحياناً، لا أعلم إن كانت هذه وساوس شيطانية.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن نعم الله تدوم مع الشكر بل وتزداد إذا شكرها الإنسان، وذلك بأن يعترف بفضل ربه، ويحدث بإنعامه، ويستخدم نعمه في طاعته سبحانه، وأن يعمل بما خلق لأجله، وأن يحرص على نفع إخوانه، قال تعالى: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ))[إبراهيم:7]، وقال سبحانه على لسان نبيه وكليمه موسى عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه ((قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ))[القصص:17].

وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (إن أقل ما يجب على من أنعم الله عليه بنعمة أن لا يستخدم نعمة الله في معاصيه) وكان السلف يسمون الشكر بالجالب للنعم ويسمونه بالحافظ لأنه يحفظها من الزوال.

ولا شك أن المؤمن الحق يعيش السعادة الدائمة الكاملة لأنه يوقن بقوله النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

وكان عمر بن عبد العزيز يقول: (كنا نرى سعادتنا في مواقع الأقدار) وإذا رضي الإنسان بما قسمه الله أصبح أسعد الناس.

ولا يخفى على أمثالك أن السعادة لا تباع في الأسواق ولا عند الصيادلة وأن الناس بحثوا عنها في المال فلم يجدوها وطلبوها مع المناصب فلم ينالوها؛ لأن السعادة الحقة هي نبع النفوس المؤمنة بالله الراضية بقضائه وقدره، وكل سعادة لا تنطلق من الإيمان والرضى منقوصة وموقوتة؛ ولذلك عندما يتفكر الإنسان في بعض البلاد الأوربية التي ترتفع فيها نسبة دخل الفرد جداً ويعيش المواطنون هناك حياة الرفاهية والازدهار، لكنها مع ذلك هي بلاد الانتحار، وفيها ترتفع نسبة العلل النفسية.

وأرجو أن تعلمي أن الشيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، فاجتهدي في طاعة الرحمن وعطري لسانك بذكر الواهب المنان، وأكثري من تلاوة القرآن، وأكثري من صلة الرحم والبر والإحسان، واعلمي أن النعم تسلب بالعصيان، وتواضعي لأخواتك في كل زمان وكان وتجنبي السخرية من أي إنسان.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وأرجو أن تتعاونوا على البر والتقوى والرضوان؛ لأن بيوتنا تضيء بطاعة مالك الأكوان.

ونسأل الله أن يديم عليكم الأمن والإيمان، وأن يرزقك الصالحين من الولدان، ومرحباً بك في موقعك بين الآباء والإخوان

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً