الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقترفت ذنباً كبيراً .. فهل سيغفر الله لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد:

هل فتاة مثلي اقترفت ذنبا كبيراً ودخلت في المحرمات والكبائر كالزنا، وتريد التوية اليوم قبل غد، هل الله -عز وجل- سيغفر لها؟

أنا محبطة ويائسة... أريد المساعدة.

وشكراً.



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن.س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله سبحانه هو غافر الذنب وقابل التوب، بل إنه سبحانه يفرح بتوبة من تتوب إليه، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ) رواه مسلم. ولن يعدم الناس من رب رحيم يفرح بتوبة التائبين خيراً.

أرجو أن تعلمي أن الله سبحانه سمى نفسه تواباً ليتوب علينا، وسمى نفسه رحيماً ليرحمنا، وسمى نفسه غفاراً ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وقد خاطب رب العزة والجلال أعظم الناس كفراً فقال: (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) [المائدة:74] وقال للبائسين: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر:53].

أرجو أن تعلمي أن اليأس من رحمة الله كبيرة من كبائر الذنوب، كما أن الشيطان هو الذي يملأ نفسك بمشاعر اليأس لأنه لا يريد لك الخير؛ فهو عدو لنا، والشيطان يحزن إذا تبنا، ويندم إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا، فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، واعلمي أن الفلاح إنما يكون بمخالفته.

نحن نتمنى أن تعجلي بالتوبة وتستتري بستر الله عليك، واعلمي أنك غير مطالبة بذكر ما حصل معك لأحد من الناس، وإذا ذكرك الشيطان بالأيام المظلمة فجددي التوبة، واعلمي أن الله سبحانه يغفر الذنوب وأنه سبحانه يبدل سيئات التائبة الصادقة في توبتها المخلصة في أوبتها إلى حسنات؛ قال تعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:70].

اعلمي أن هناك أموراً تعينك على التوبة وهي كما يلي:
1- اللجوء إلى غافر الذنب وقابل التوب.

2- تغيير بيئة المعصية ورفقة المعصية.

3- التخلص من كل ذكريات ورموز وأرقام وصور المعاصي.

4- غض البصر والبعد عن مواطن الشبهات.

5- الاجتهاد في الحسنات الماحية؛ قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود:114].

6- إدراك خطورة الاستمرار في النفق المظلم.

7- الخوف من عقاب الله وغضبه.

هذه وصيتي للجميع بتقوى الله عز وجل، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً