الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التهرب من المشاكل وعدم المواجهة بسبب ضعف الثقة بالنفس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبلغ من العمر 33 عاماً، وثقتي بنفسي ضعيفة ومهزوزة ولا أحب المواجهة، وأتهرب من المشاكل حتى وإن فُرضت عليّ، ولا أستطيع أن أحل مشاكلي بنفسي، وأطلب المشورة والحل من الآخرين في حل مشاكلي، وإذا هاجمني أحدٌ بالكلام تطير مني كثير من الكلمات فلا أرد الرد المناسب إلا بعد أن ينتهي الأمر؛ وعندها أقول: كان ينبغي أن أقول كذا وكذا مما يصيبني بألمٍ نفسي حيث أنني حساس ولا أرضى بالإساءة، وربما يرجع هذا لتربيتي حيث أني كنت الابن الوحيد، كما أني كنت مدلَّلاً. أرجو مساعدتي للتخلص من هذه المشكلة.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الكثير من الناس لديهم حساسية حيال أنفسهم، وكثيرٌ من الناس لا يقدر مقدراته بالصورة الصحيحة، وهذا ينتهي بهؤلاء الناس بأن تكون لديهم فكرة سلبية عن ذواتهم ويعتقدون أن شخصياتهم ضعيفة وغير فاعلة.

ولقد ذكرت بأنك الابن الوحيد وأنك كنت مدللاً وأن هذا أدَّى إلى ضعفٍ في شخصيتك، وأنا أقول لك أن شخصيتك ليست ضعيفة، فعندما تعتقد أنك مهزوز الثقة بنفسك فهذه مجرد فكرة، والفكرة ليس من الضروري أن تكون حقيقة أبداً.

إذن؛ حاول أن تغير أولاً من مستوى تفكيرك، وحاول أن تستبدل هذه الفكرة السلبية بفكرة مخالفة، وأن هذه الفكرة خاطئة، والفكرة ليس من الضروري أن تكون حقيقة.

ثانياً: انظر إلى ما تقوم به من أعمال إيجابية، فلقد ذكرت شيئاً أو شيئين؛ وهي أنك ذكرت أنك تتهرب من المشاكل ولا تحب المواجهة، فكثير من الناس يقوم بذلك، وهذا لا يعني أن الإنسان قليل الثقة أو ضعيف الشخصية، فلا أحد يريد المشاكل، وأنت ذكرت أيضاً أنه إذا هاجمك أحد الأشخاص تطير منك الأفكار، وهذا شيء من قلة التركيز يحصل أيضاً لكثير من الناس، فانظر ما هي الأشياء الأخرى التي تقوم بها أنت، فهذان شيئان أو ثلاثة فقط سلبيات موجودة في شخصيتك، وأنا قد لا أتفق معك في حجم هذه السلبيات، فربما يكون هنالك شيء منها، ولكن الحساسية في شخصيتك جعلتك تنظر لنفسك بمبالغة وسلبية، وهذه المبالغة والسلبية سيطرت على كيانك ومسحت كل ما تقوم به، وأنا أثق تماماً أنك تقوم بعملك وتذهب إلى المكتب وتواصل أرحامك وتشارك في الأتراح والأفراح، وربما تكون لديك نشاطات أخرى كثيرة .. أليست هذه إيجابية؟! أليست هذه الأمور مرتبطة بالجوانب القوية في الشخصية؟ نعم .. إذن فعليك أن لا تركز على ما تسميه سلبيات، وعليك بعد ذلك أن تبدأ في التطبيق العملي للمواجهة، فاجعل لنفسك برامج يومية، وتعلم أن تواجه الناس وتنظر إليهم في وجوههم فهذا أمر ضروري جداً، وحين تحيي إنسان ابدأ بقوة في تحيته، وكن أنت الذي تبدأ، وكن مؤثراً في كلامك، وتوسع في أفكارك، ولا تختزل الأفكار ولا تجعلها قصيرة وكن معبراً، فهذا إن شاء الله سيساعدك كثيراً في تقوية شخصيتك.

والشيء الآخر: أني أعتقد أنك إذا انضممت إلى الجمعيات الخيرية ستستفيد كثيراً، وهي كثيرة جداً في السودان، فخلال العمل الخيري يستطيع الإنسان أن يثبت وجوده ويثق في نفسه ويقوي من شخصيته فهنالك تجارب حية أعرفها تماماً.

ثالثاً: عليك أن تمارس رياضة جماعية مثل كرة القدم، وخلال هذا التفاعل الجماعي تستطيع أن تبني وتقوي شخصيتك.

رابعاً: عليك بالانضمام لحلقات التلاوة في المسجد الذي تعتاده، فالحضور في هذه الحلقات يساعد على المواجهة ويقوي الشخصية ويعطي الإنسان ثقته بنفسه.

هذه أمور بسيطة ولكنها هامة في تقوية الشخصية.

وأما بالنسبة لما ينتابك من أفكار سلبية فاجلس مع نفسك وقم بتحليلها، وقل لنفسك: أنا لست بالضعيف فأنا قوي ولله الحمد، وليس هنالك ما يجعلني أهاب الآخرين أو أن تتطاير الأفكار في نفسي، وعليك أن تتذكر أن الآخرين لا يراقبونك فربما تعتقد أن الآخرين يقومون بمراقبة أدائك مما يقلل من فعاليتك، وهذا ليس بالصحيح.

وأما بالنسبة للمشاكل فأرجو أن لا تنظر للسلبيات دائماً كمشاكل، فإن هناك أشياء كثيرة قد لا تروق للإنسان في حياته ولكنها تجارب، وقد تكون أمور يتعلم منها الإنسان أن يطور نفسه ويستطيع الإنسان أن يضع حلولاً لبعضها ويستطيع أن يتجاهل بعضها.

وأما قضية المشورة والاستئناس برأي الآخرين فهذا أمر لا بأس فيه أبداً، فالإنسان يحاول أن يستشير في بعض الأمور، وهذا ربما يكون أمراً إيجابياً وليس سلبياً، وحين تأتيك عدة أفكار حاول أن تتدارس أفضلها، وقل: سوف أركز على هذه الفكرة، وسوف أقوم بتطبيق هذه الفكرة دون أي نوعٍ من التردد.

هذا هو الذي أود أن أنصح به، ولا أعتقد أنك في حاجة أبداً لأي نوع من العلاج الدوائي.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً