الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب تسلط الزوج في الأمور المالية

السؤال

السلام عليكم

موضوعي ليس شكوى وإنما هو لفت نظر لكل رجل مسلم يريد أن يعرف دينه حقاً.

قصتي بدأت عندما كنت شابة كتب الله لها أن تتخرج من الجامعة وتجد وظيفة جيدة مباشرة، ولدي احتكاكي بكثير من الشباب والرجال من كل الأصناف وتعرضي للنظرات وسماع الكلام فتكونت لدي قناعة أن المرأة إن لم تكن محتاجة للراتب فبيتها أولى بها، ودعوت الله أن ينجيني من هذه المفاتن.

وقد تقدم لي شاب ذو مكانة اجتماعية وطلب مني ترك العمل، فلم أتردد لحظة؛ لأن بيت المرأة هو أولى بها، لكن الصدمة كانت أنه متسلط جداً ولا يعطني، ولو جزءاً بسيطاً من حقي في المصروف، وكلما أردت أن أشتري ولو قطعة حلوى أشتهيها يجب أن أعود إليه وإلى استهزائه - مثلاً: أنت طفلة صغيرة لتشتهي هذه الأشياء وهلم جرا، وعندما أدخل معه في نقاش حاد لأخذ بعض حقوقي يتهمني بأني فاجرة، ويقول: إن لم يعجبك فالباب يخرج جمل! فهل أنا تزوجت وأنجبت الأولاد لأتركهم وهم بأمس الحاجة لي، فصبرت واحتسبت أمري لله وكبر الأولاد وإلى الآن أعاني أنا وهم من هذا التسلط بالرغم من أنه ميسور الحال ودائماً يشعرني أنه هو صاحب المال، وهو الذي يتعب وكل شيء في البيت له ولا يحق لي التصرف بشيء ولا حتى تشغيل مكيف أو سخان ماء للاستحمام إلا بموافقته.

وقناعتي أن بيت المرأة أولى بها، فأصبحت ألقن ابنتي درساً جديداً أن شهادة المرأة أولاً ثم عملها أهم شيء في هذه الحياة، ولجأت إلى الكذب عليه رغماً عني عندما يسألني عن أشياء تافهة، مثل: متى شغلتي المكيف، ومتى أطفأتيه؟ وهل استحممت اليوم؟ وهكذا.

هل هذه أخلاق المسلم؟! مع أنه يصوم ويصلي إلا أنه لا يدفع الزكاة بالرغم من أني طلبت منه ذلك مراراً وتكراراً، وتعودت على هذا النمط من الحياة، فطالما أني لا أطلب شيئاً فأنا حبيبته، وقناعته أني لا يحق لي شيئاً من أمواله؟

والمشكلة أن ابنته الوحيدة أصبح لديها خوف من الرجال وتقول لي: أنت صبرت، وأما أنا فلا أعتقد أن لي القوة؛ لأن أصبر من جديد ولا أريد أن تتكرر المسألة؟

أليس لنا حق كزوجات؟! أم أننا جواري فقط؟! بل لنا حق في أموالكم طالما أننا نقوم بواجبنا كاملاً من إدارة المنزل وتربية الأولاد وحتى تعليمهم، فاتقوا الله.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صابرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت كبيرة بصبرك وحق لنا أن نفخر بأمثالك، ولن نرضى أن تعممي ما ذكرت من البخل والتقصير، وما يفعله زوجك يرفضه الصغير والكبير، وسوف يترك كل من يبخل بالمال والدرهم والدينار؛ لأنها ودائع وهبات الواحد القهار، وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول، وليت هذا المسكين عرف أن الشريعة شرفته بسبب إنفاقه للمال فقال الكبير المتعال: (( وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ))[النساء:34]، فخذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، واصبري وصابري وسوف يعوضك الله فإن العاقبة للصابرين.

وشريعة الله تجعل أفضل الدراهم درهم ينفقه الإنسان على أهله، ونحن لا نستغرب ما يفعله معكم بعد أن علمنا أنه يحارب منهج الوهاب، ويعرض نفسه للأخطار بمنعه للزكاة، وما أحوجنا إلى درة عمر بعد حزم الصديق أبي بكر الذي قاتل مانعي الزكاة، ونسأل الله أن يهيئ لأمتنا قيادة ربانية تؤدب العصاة وتأخذ الزكاة مع شطر المال ممن يمنعون حق الله.

ونحن نتمنى أن تذكري لابنتك الجوانب الإيجابية، وتجتهدي في حمايتها من تكوين نظرة سيئة عن الرجال، فإن ما يحصل في بيتكم شاذ، والشاذ لا حكم له.

وأرجو أن تنقلي إليها ما عندك من الخصال التي سعدنا بسماعها مثل الحياء والبعد عن الرجال، وسوف يظل بيت المرأة مكانها وحصنها، وهذا ما توصلت إليه المرأة حتى في البلاد الكافرة، فبدأت رحلة العودة إلى البيت وتركت بعض الشهيرات وظائفهن العامة رغم الإغراءات وعدن إلى المكان الطبيعي للمرأة.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وأرجو أن تصبري ولا تكثري من الشكوى، واجعلي غضبك لله، وسوف يعوضك الله خيراً، ومرحباً بك في موقعك مع آبائك وإخوانك في الله.

ونسأل الله أن لكم التوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً