الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عمل المرأة للحاجة مع كشف حجاب الوجه

السؤال

السلام عليكم
أنا سيدة عربية أعيش في وطن عربي، وبسب حاجتي للمال وحصولي على المؤهل الجامعي قررت البحث عن عمل لمساعدة زوجي الذي يمر بمشاكل مادية جمة بسبب فقده لعمله الآن، وبعد تراكم الديون علينا.
وقد وجدت عملان، الأول كسكرتيرة، والمكان حكومي ومحترم حيث لي مكتبي الخاص، ولا أعمل لشخص معين وإنما لقسم كامل، والبيئة أعجبتني جداً من حيث قلة الاختلاط، ولكن فرض عليَّ كشف الوجه، والراتب مغري وأستطيع كفالة عائلتي به.
وقد بدأت العمل فيه أخذاً ببعض الآراء، ولكن وجدت وظيفة أخرى أقل راتباً ولا أستطيع كفالة عائلتي به، والعمل يكون في أوقات متعبة ومتأخرة، ولكن أستطيع تغطية وجهي وأن ألبس عباءة الرأس.
أرجو إفادتي هل أترك العمل الأول وأقبل بالثاني؟!
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت الحاجي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن تقديم ما يرضى الله أغلى، وقد يجد الإنسان مالاً كثيراً ولكن البركة لا تكون إلا مع الإيمان والتقوى، قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ))[الأعراف:96]، وكم هو مؤسف أن يوجد في ديار المسلمين من يجبر امرأة على كشف وجهها، وهل يمكن أن يقبل أمثال هؤلاء بسكرتيرة ليس عندها مسحة جمال، ولا أظن أن السكرتيرة تستطيع أن تبتعد عن الرجال حتى لو كان مكتبها وحدها، فإن مرجع الأعمال لكل الأفراد يكون إليها.
وأرجو أن تعلمي أن الله سبحانه قسم الأرزاق، ولم يأمرنا بأن نسلك سبل الغواية من أجل الوصول إلى ما قدره لنا سبحانه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعى أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، ثم وجهنا فقال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب -يعني اعتدلوا في طلب الرزق- فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم).
والإنسان قد يزيد من الأموال لكنه لن يزيد على ما كتبه الله له وعليه، ولكن طعام الاثنين يكفي الأربعة، ويبارك الله لمن أطاعه وسار على شرعه وهداه، ولو نام من يتقي في أي مكان تحت السماء وفوق الأرض لكان في حفظ الله ورعايته، فقدمي الأرضى لله وأبشري، واعلمي أنه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وكم نحن سعداء بالحريصات على سترهن وحجابهن وحيائهن، كما أنني لا أستطيع أن أخفي إعجابي بهذا الوفاء للزوج في أيام محنته وديونه، ولا شك أن حرصك على سترك الكامل لون آخر من الوفاء هو الأعظم لأنه سبب لرضوان الله.
ولا مانع من أن تعلني رغبتك في الستر الكامل للقائمين على أمر العمل، واذكري لهم رغبتك في التقرب إلى الله، وتوجهي قبل ذلك لمن بيده ملكوت كل شيء، علماً بأن غطاء الوجه فيه مصلحة لك وللعمل أيضاً، وهل ضاعت الوظائف وتدهور العمل إلا يوم دخلت المرأة ساحاته بكامل زينتها، فترك الرجال أعمالهم وانصرفوا إلى النساء، وبذلت النساء معظم عائد العمل في الثياب والمكياج، وكفاءة المرأة العاملة لا علاقة لها بوجهها، وإصرار الغافلين على كشف الوجه يدل على سوء نية.
ونسأل الله أن يتوب علينا، وأن يردنا إلى شريعته السوية، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله والحرص على تنفيذ أوامره والتمسك بشرعه، ومرحباً بك في موقعك بين آباء وإخوان يسألون الله أن يكشف عنك وعن زوجك الهموم، وأن يخرجكم من غلبة الديون، وأن يلهمك السداد والرشاد.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً