الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأرزاق بالتخيير أم التسيير؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل الإنسان مخير أم مسير في رزقه؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ريان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يوسع رزقك، وأن يجعلك من سعداء الدارين.

وبخصوص ما ورد برسالتك..

فالذي ثبت في السنة أن الله جل جلاله قدَّر المقادير وقسم الأرزاق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وثبت أيضاً أن الله يُرسل الملك إلى النطفة وهي ما زالت في الرحم لينفخ فيها الروح، ويؤمر بكتب أربع كلماتٍ منها رزقه.

وثبت أيضاً أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها، فقضية الرزق هذه قضية ربانية إلهية خالصة لا دخل لأحد من الناس فيها، بل لا يملك أي ملك أو رسول أن يؤثِّر فيها مطلقاً، حيث قال جل شأنه: (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ))[الذاريات:22]^، ومولانا جل شأنه قد تكفل بأرزاق المخلوقات جميعاً على تفاوتٍ فيما بينهم، وهذا التفاوت لحكمة يعلمها سبحانه جل شأنه فقال: (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))[الملك:14]^، بل يعلم كل شيء كان أو سيكون أو ما زال كائناً، وقال أيضاً: (( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ))[الشورى:27]^. فقسمة الأرزاق وسعتها وضيقها قائم على علمٍ وحكمةٍ وعطفٍ ورحمةٍ، وليست قائمة على هوى أو ظلم وجهل، وحاشا لله أن يكون كذلك عيإذن بالله.

وليس أمام العبد المسلم - أو حتى غيره - إلا أن يأخذ بأسباب تحصيل الرزق، وأن يسعى في تحصيله على قدر استطاعته، وأن يعلم أن ما قدره الله له فهو كائنٌ لا محالة، وأنه يستحيل أن يؤثر أي شخص في رزقه أو رزق غيره، إلا أنَّ هناك عوامل بَيَّن الشارع الحكيم تأثيرها في قضية الأرزاق، ومنها على سبيل المثال: الإيمان والطاعة، وكذلك صلة الرحم، حيث قال جل شأنه: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ))[الأعراف:96]^، وقال: (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ))[النساء:160]^، والقرآن الكريم به عشرات الأمثلة على ذلك.

وفي السنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يُنسأ له في أثره، ويُبسط له في رزقه، فليصل رحمه)، فصلة الرحم من أهم عوامل سعة الأرزاق، وكذلك الدعاء، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ولذلك أوصاك به الحق جل وعلا، وبَيَّنه صلى الله عليه وسلم، فخُذ بالأسباب، واجتهد في تحصيل أسباب سعة الأرزاق، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، واعلم أن الغنى ليس عن كثرة الممتلكات، ولكن الغنى غنى النفس، فاعلم ذلك حتى تستريح.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب عزوز سعيد

    اجابة شافية ومجملة وتريح القلب جزاك الله كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً