الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي خاطب تزوج وطلق قبل ذلك

السؤال

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، بداية نشكر لكم توفيركم لخدمة الاستشارات على شبكتكم الكريمة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بكم وأن يبارك جهودكم ويجعلها في موازين حسناتكم.

سؤالي هو: أنا مسلمة عربية ولله الحمد، ومقيمة حالياً ببلد غربي مع بعض أهلي، حدث أنه قبل حوالي شهرين أو أقل أن عرضت علي أخت لي في الله موضوع خطبة لرجل مسلم عربي طبيب وداعية متزوج حالياً من امرأة أجنبية أسلمت على يديه بفضل الله، وكان قد سبق له الزواج من مسلمة عربية من بلده وله منها أولاد، غير أن حياتهم انتهت إلى الانفصال والطلاق، الذي تمت إجراءاته عبر المحكمة، وقد يكون عبر دعوة رفعت من الزوجة الأولى، وحالياً الأولاد مع أمهم في بلد عربي.

وقد بلغني أن الطلاق طال حتى زوجته الأجنبية - أي الثانية -، وأنه قد طلقها مرتين فيما مضي، وليس له أولاد من الزوجة الثانية، هو الآن يبحث عن ذات الدين والخلق ليعيش معها حياة مستقرة.

وفي الحقيقة له كثير من المؤهلات والمزايا التي تتوافق مع تطلعاتي، ولكن قصص الطلاق في حياته ووصوله إلى هذا الطريق المسدود في كل مرة جعلني أرفض الموضوع أول ما عرض علي، غير أن الخاطب لم يقف عند رفضي، وسألهم أن يوضحوا لي بعض الأمور، وأن أفسح أنا وأهلي له المجال للتقدم إلى خطبتي وللاستماع لما لديه.

حقيقة وجدت لدى أهلي نفس المخاوف التي لديّ، حتى أنهم لم يرغبوا بمقابلة هذا الشخص، فكان جوابي لأختي المتوسطة في الموضوع بالرفض للمرة الثانية، كوني لم أجد من يساعدني في التقصي عن هذا الرجل الذي لايعرفني ولا أعرفه، غير أنه تمسك بخطبتي عبر ما وصله عني من أخبار عن طريق المتوسطين له في الموضوع، فقد كان أخبرهم أن كثير من المواضيع عرضت عليه لم يرتح لها ولم يعرها اهتمامه، وأنه قد وجد في هذا الموضوع ما يرجو من متطلبات.

الآن وبعد الرفض الثاني، عاود سعيه لخطبتي من جديد، فكان أن أبلغتني الأخت وللمرة الثالثة برغبته في خطبتي من أهلي ورجائه أن تتاح له الفرصة للقاء أهلي وخطبتي وعرض ما لديه، فهذا حقه كخاطب، فإن ارتحنا للموضوع فبها، وإن لم نرتح فيكون انصرافه.

وفي كل مرة كنت أكرر صلاة الاستخارة ولا زلت في حيرة من أمر هذا الخاطب فأنا وأهلي في خوف من قصص طلاقه رغم مؤهلاته.

وأخاف إن قبلت أن أجد نفسي في مواجهة من يفتقد لحسن الإدارة في البيت وحسن النظر في الأمور وعواقبها ومن لا يحسن معاملة النساء وفهمهن، على الرغم من أنني أبلغت بأنه أبدى اهتماماً كبيراً لاهتماماتي وحاجاتي، وأنه على استعداد لدعمي ومساندتي في تحقيق ما أطمح إليه وسع طاقته.

الآن طرحت الموضوع مرة أخرى على الأهل فوجدت المخاوف قائمة، فلا أدري كيف يكون التصرف خاصة أن الأهل لا يبدون استعداداً لمقابلته، وأنا أخاف أن أتخذ قرار الرفض دون أن أعرف عن الطرف الثاني المزيد، فأكون قد ظلمت كلانا لا قدر الله.

أرجو العذر الشديد على إطالتي، وأسأل الله تعالى أن يجعل لي من أمري رشداً، وأن يجزيكم عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Youmna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فليس من الحكمة ولا من الصواب رد هذا الخاطب قبل رؤيته والاستماع إليه والتعرف على أحواله ودراسة أسباب فشل تجاربه السابقة، فربما كان السبب منهن وليس منه، وقد يصلح معك رغم فشله في تجاربه السابقة، علماً بأن سبب فشله مع الأجنبية قد يكون مفهوماً لوجود العديد من الفوارق في العادات والتقاليد واللغة، ومن هنا فنحن نتمنى الاستعجال في الأمر وعدم سد الأبواب في وجه الخطاب.

والمرأة العاقلة تستطيع أن تروض زوجها بحسن تبعلها وصبرها، فالرجل طفل كبير ترضيه الكلمة الطيبة وتأسره البسمة اللطيفة، فكوني له أمة يكن لك عبداً وكوني له أرضاً يكن لك سماء.

ولا يخفي عليك أن الأهل يشكرون على حرصهم وخوفهم، لكن الأمر بيدك وحدك، فلا تترددي في القبول إذا كان الرجل صاحب دين وخلق وحصل لك الميل والتوافق والانسجام بعد رؤيته والاستماع إليه، ورغم ترحيبنا بمشاركة الأهل لك في اختيار الزوج المناسب، إلا أننا نتمنى أن يدركوا أن (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

وأرجو أن تجدي من عقلاء أهلك ومحارمك من يتفهم وجهة نظرك، كما أن الفتاة قريبة من أمها، فعبري لها عما في نفسك من الرغبة في الدخول إلى عش الزوجية، واقتربي أكثر وأكثر من والدتك وعماتك وخالاتك؛ لأن لهن تأثيراً على الأهل، فربما مجرد اتصال من إحداهن يغير الوضع بإذن الله.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله وبكثرة اللجوء إليه، فإن قلوب العباد بين أصابعه، ولا خاذل لمن وفقه سبحانه، فأفصحي عن وجهة نظرك، واطلبي من أهلك فتح الباب لهذا الرجل، ومن حقكم أن تسألوا عنه ومن حقه أن يسأل عنكم.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً