الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بركة الزواج من ذات الدين

السؤال

تقدمت لخطبة أخت أحد زملائي في العمل، وأيضاً في المسجد، وصديقي هذا يعلم الله أني أحبه في الله، وقد رأيت خلقه وتربية بيته، وأنهم أسرة ملتزمة، ورأيت أن أؤكد هذه الأخوة في الله بالتقدم لطلب يد أخته، ويعلم الله أني لم أر أخته قط، وبعد الاستخارة حوالي مرتين فاتحت صديقي بطلب يد أخته، وإني لم أرها، فقال لي: يجب أن تراها في حالة موافقة الأسرة على طلبك، وبالفعل وافقت الأسرة عليّ.

وعند الذهاب لمفاتحة والدها بهذا الموضوع رحبوا بي أشد الترحيب، بل وقدموا لي تسهيلات كثيرة، وأعتقد أنهم فعلاً أسرة ملتزمة، ولكن عندما رأيت الفتاة لأول مرة وقبل تحديد ميعاد الخطبة وأي شيء لم أشعر ناحيتها بأي عاطفة، أو قبول من ناحيتي، وخشيت أن أكون تسرعت.

علما أني استخرت الله مرتين، وهي قامت بعمل عمرة، وتواظب على حفظ القرآن والتجويد، والصلاة في موعدها، ومتعلمة، وقالت أنها سوف ترتدي النقاب، وأعتقد أنها تميل إلي، الآن يعلم الله وحده مدى الحيرة والشدة التي أمر بها، هل أتوكل على الله وأكمل هذا الأمر، خصوصاً أنها كما قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: (ذات دين) وكان وما زال هو طلبي الوحيد، أم أتراجع في طلب يدها قبل عمل الخطبة؟

أنا في أشد الحاجة لرأي فضيلتكم.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الإمام أحمد رحمة الله عليه أرسل من تخطب له من قريباته، فجاءت وقالت للإمام: وجدت لك فتاتين؛ أما إحداهما فبارعة في جمالها متوسطة في دينها، وأما الثانية فمتوسطة في جمالها متينة الدين، فقال الإمام رحمة الله عليه: (أريد صاحبة الدين) ثم عاش معها نحواً من ثلاثين من السنين، ثم قال عنها يوم وفاتها: والله ما اختلفنا في كلمة!!

فتأمل بركة وسعادة من يطلب الدين، ويتقيد بوصية رسولنا الأمين، فإذا كانت أخت صديقك هذه نشأت في بيت طيب، وهي ممن يحفظ كتاب الله وتواظب على الصلاة في موعدها، وهي مع كل ذلك متعلمة، فلا تتردد في القبول بها ومواصلة المشوار بصحبتها.

والحقيقة نحن نتمنى في مثل هذه الأحوال أن تطلب من شقيقها أن يمكنك من الرؤية الشرعية قبل عرض الأمر على الأسرة، وقبل عرض الأمر على الفتاة، فالأخ محرم ومؤتمن على أخته، خاصةً إذا كان من أهل الدين والصلاح كما هو الحال؛ لأن في ذلك رفع للحرج عن الجميع، ويؤسفنا أن نقول: إن بعض الناس يتزوج الفتاة، فإذا سأله الناس عن سبب الارتباط يقول: إخوانها طيبين، والحقيقة أن الرجل يتزوج الفتاة وليس إخوانها أو أبوها.

وطالما كانت الفتاة كما ذكرت فلا تتردد في القبول، ولا عبرة بالنفور الذي وجدته إذا لم تكن له أسباب ظاهرة، ولا بأس من تكرار النظر إذا كان ذلك ممكناً، وصلاة الاستخارة ومشاورة أهل الخبرة والدراية، والتوجه إلى من يملك الخير والتوفيق والهداية.

ولن يخيب من يستخير ويستشير، ويقدم طاعة الله والدين، ويطلب بنات وأخوات الملتزمين، وأين ستجد الفتاة صاحبة الدين التي تحفظ القرآن وتتقرب إلى الرحيم الرحمن؟ وقد نشأت في أسرة تطيع الله وتقصد رضوانه، والفتاة تتأثر ببيتها واستقراره، وتأخذ من صلاح أهلها، ولذلك فنحن نرجو أن تكمل المشوار، وتُكثر من ذكر الله والاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا المختار، وأبشر بالخير وأمِّل ما يسرك، وتوكل على الواحد القهار، ونسأل الله أن يحشرنا جميعاً في زمرة الأبرار.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً