الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض والدي خطبة الفتاة التي أحبها... فهل من حل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في السنة الأخيرة (الخامسة) من الجامعة، قبل 4 سنوات تعرفت على زميلة تكبرني بسنة ومنذ تلك اللحظة أحببنا بعضنا بشدة، وبصدق قررت أن أخطبها؛ فدرست الموضوع ووجدت أنني يتوفر عندي بيت، وتخصصي مطلوب بشدة ولا خوف من البطالة؛ فقررت أن أخطبها.

فذهب كل منا إلى أهله ليفاتحهم بالموضوع، أهلها وافقوا بعد أن سألوا عني وعن سمعتي، وعرفوا أن قلب ابنتهم يميل إلي، أما أهلي فقد أشعلوا حرباً ضدي ورفضوا بشدة؛ بحجة أنني صغير، ثم بحجة عدم توفر النقود، وحجج أخرى.

أهل الفتاة متدينون جداً، وبصراحة هم من جعلوني ملتزماً بالدين، ذهبت وحدي لزيارتهم فأحسنوا استقبالي وأخبروني أنهم أحبوني، ولكن لا يمكن أن يتم الأمر إلا بموافقة أهلي، وأصرت أم الفتاة على أن لا أغضب والدي مني، ووصتني بالتوكل على الله.

المهم، استبقت سني وبدأت أعمل وأنا أدرس، وأصبحت أستطيع توفير مبلغ شهري جيد، كما أن أبي ليس فقيراً ولا غنياً، باختصار هو يستطيع أن يخطب لي.

شرط أهل الفتاة هو فقط أن أكتب كتابي؛ حفاظاً على ابنتهم، وأخبروني أنهم لا يطالبون بمهر عال، ولا بزواج سريع، هم فقط يريدون أن أخطب ابنتهم، وهم متفهمون لوضع المجتمع وصعوبات الزواج؛ ذلك أن والدة الفتاة داعية ولها نشاطات إسلامية، ووالدها رجل فاضل وهذا يفسر تفهمهم لأنهم يعيشون الإسلام.

أما والدي فقد رفض بشكل قاطع حتى تدخل الأقارب، فقال أنه سيخطبها لي يوم تخرجي، وليس قبل ذلك! المشكلة الآن أن أهلها لا يستطيعون منع الخطاب، ولا يستطيعون الانتظار هكذا بدون ضمان وهذا من حقهم، وهي تعاني وضعا نفسياً سيئا، بالإضافة إلى أنني دائماً منهار من فكرة أن يخطفها أحد مني.

أنا والفتاة بوضع نفسي سيء جداً جداً! أنا أؤمن بالقدر وأنها إذا كانت لي فلن تذهب مني، وإذا لم تكن لي فلن أحصل عليها أبداً، ولكن أنا لا أستطيع الصبر! لقد وصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بتزويج المتحابين، ونحن متحابان ونستطيع الارتباط، فلماذا يحصل هذا؟! من المخطئ هنا، أنا أم أبي؟ والآن بقيت لي 8 أشهر للتخرج، ولا نستطيع الانتظار.

أنا دائماً أدعو الله ولا أنساه، فهل سيساعدني؟ لقد بدأ أهلها بالانزعاج مما يحدث؛ بسبب عدم تحركي في الموضوع، وقالوا لها أنهم سيستقبلونني إذا حضرت، ولكن إذا حضر شخص آخر يرونه مناسباً فسوف يزوجونها به، والمشكلة أن معظم الذين يتقدمون لخطبتها أطباء ومهندسون أو أساتذة جامعات؛ لسمعة العائلة وشهادتها، أنا بحيرة، فساعدوني.

سيدي لقد كتبت ملخصا لمشكلتي، ولكي أسهل عليك مساعدتي أؤكد لك أن أبي قادر على تلبية شروط أهلها البسيطة، وليس له أي عذر منطقي، وسمعة الفتاة وأهلها من أطيب ما يكون، سيدي الفاضل، كيف أحل المشكلة؟ كيف أريح الفتاة؟ وكيف أريح قلبي؟ أحب أبي وهو طيب جداً معي، إلا في هذا الموضوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Muslimallways حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن من انتظر لسنوات يستطيع أن ينتظر -بإذن الله– لأشهر، وأرجو أن تضحي الفتاة بهذه الأشهر التي سوف تمضي بسرعة، مع استمرار محاولاتك في إقناع الوالد الذي كنا نتمنى أن يوافق بسرعة ويحاورك بهدوء حول الاستعدادات، لكننا نلوم الشباب الذي يمضي مع مشاعره من وراء ظهر الأهل ثم يفاجأ بالعقبات، ولا شك أن الخطأ مشترك، ولا نستطيع أن نعفي من يؤسس العلاقات العاطفية دون علم أهله، وليت الشباب والفتيات أدركوا مشاعر الآباء والأمهات تجاههم وفرحهم من أجل نجاحهم وانتظارهم لثمرة مجهوداتهم، ورغبتهم في المشاركة في اختيار شريك الحياة لبناتهم وأولادهم.

ونحن نعتقد أن المسألة بسيطة والخلاف أصبح محدوداً، وهذا الأب يحتاج إلى زيادة برك واهتمامك به، وبحرصك على أن تكون إلى جواره في مستقبل الأيام وفي أيام الكبر والضعف، وهذا ما يؤمله كل أب، فأشعره بأنك لن تنسى تعبه وسهره من أجل راحتك وتعليمك، واجعل علاقتك بالفتاة محدودة ولا تكثر من زيارتهم، فإن أهل الفتاة يصعب عليهم القبول بعلاقات غير معلنة، كما أن كثرة التردد ينافي الآداب الشرعية، وليس في مصلحة مستقبل حياتكم الزوجية، ولذلك فنحن نرجو إيقاف سيل العواطف المتبادلة، والانصراف للدراسة والعبادة، والتوجه إلى من بيده الخير والهداية، وهنيئاً لك بإيمانك بالقضاء والقدر، وأرجو أن يحملك على الرضى والصبر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.

وأنت تشكر على حبك لأبيك، وسوف يجازيك الله على الإحسان إليه، ولكنك فاجأته بهذه الرغبة التي كان ينبغي أن تتدرج في طرحها وتشعر الوالد بحاجتك للعفاف والزواج، لأننا نعيش في زمان المغريات، وكان ينبغي أن تعرف المداخل المهمة إلى قلب الوالد، كأن تخبر الوالدة أو تعرض الأمر على من يحبهم الوالد ليقوموا بالدور نيابة عنك.

ولا مانع من مواصلة المحاولات، وإدخال الوساطات من الفضلاء والعلماء والعمات، مع ضرورة الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الواحد القهار والإكثار من الصلاة على رسولنا المختار.

ونسأل الله أن يجمع بنيكما في الخير وعلى الخير، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً